(بيان) الآيات غير خالية عن الارتباط بما تقدمها بناء على ما ذكرناه في الآيات السابقة أن المقام مقام التعرض لحال أهل الكتاب والمشركين والتعريض لهم فالمراد بالكافرين إن كان يعم أهل الكتاب فهذه الآيات تنهى عن توليهم والامتزاج الروحي بالمشركين وبهم جميعا وإن كان المراد بهم المشركين فحسب فالآيات متعرضة لهم ودعوة إلى تركهم والاتصال بحزب الله وحب الله وطاعة رسوله.
قوله تعالى لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين الأولياء جمع الولي من الولاية وهي في الأصل ملك تدبير أمر الشئ فولي الصغير أو المجنون أو المعتوه هو الذي يملك تدبير أمورهم وأمور أموالهم فالمال لهم وتدبير أمره لوليهم ثم استعمل وكثر استعماله في مورد الحب لكونه يستلزم غالبا تصرف كل من المتحابين في أمور الآخر لافضائه إلى التقرب والتأثر عن إرادة المحبوب وسائر شؤونه الروحية فلا يخلو الحب عن تصرف المحبوب في أمور المحب في حياته.
فاتخاذ الكافرين أولياء هو الامتزاج الروحي بهم بحيث يؤدي إلى مطاوعتهم والتأثر منهم في الأخلاق وسائر شؤون الحياة وتصرفهم في ذلك ويدل على ذلك تقييد هذا النهي بقوله من دون المؤمنين فان فيه دلالة على ايثار حبهم على حب المؤمنين والقاء أزمة الحياة إليهم دون المؤمنين وفيه الركون إليهم والاتصال بهم والانفصال عن المؤمنين.
وقد تكرر ورود النهي في الآيات الكريمة عن تولي الكافرين واليهود والنصارى واتخاذهم أولياء لكن موارد النهي مشتملة على ما يفسر معنى التولي المنهي عنه ويعرف كيفية الولاية المنهي عنها كاشتمال هذه الآية على قوله من دون المؤمنين بعد قوله لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء واشتمال قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء الآية المائدة - 51 على قوله بعضهم أولياء بعض وتعقب قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء الآية: الممتحنة - 1 بقوله لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين إلى آخر الآيات.
وعلى هذا فأخذ هذه الأوصاف في قوله لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من