منه شبعان وبابك مفتوح للطلب والوغول وغل يغل وغولا دخل ومفتوحية بابه في مقامين أحدهما مقام الاستنفاع بنعمه وآلائه ونواله ومعلوم ان الكل مستغرقة في بحر أفضاله فالعالم كمحافل ومباني مشيدة والشمس والقمر والنجوم كمصابيح منضدة وأنواع النبات والفواكه بأغذيتها وأشربتها والحيوانات ملجومها وألبانها وغيرها موائد وذوات لنفوس الادمية عليها قواعد لاجتلاب الفوايد والعوايد ولو لم يكن الا الماء لتبريد الكبد والا الهواء لترويح القلب لكفى كيف والأغذية الهنيئة والأشربة المرئية التي سلبت أفئدتكم أعذب لكم واحلى وثانيهما مقام الاستشعار بالمعارف الربانية وظاهر ان نصب علايم صفاته ودلايل ذاته بمرتبة تمت الحجة وكملت الكلمة كما قال تعالى سنريهم آياتنا في الآفاق وفى أنفسهم حتى يتبين لهم انه الحق أو لم يكف بربك انه على كل شئ شهيد وفى كل شئ له أية تدل على أنه واحد ولا سيما الآيات الكبريات والحجج البينات التي من عرفها فقد عرف الله وبمقتضى القاعدة العرفانية القائلة بأنه إذا جاوز الشئ حده انعكس ضده قد تكاثرت الآيات وتوافرت الكرامات بحد يقول الغافل أين أين وعند أرباب الشهود ليس مما سوى اثر في البين أو لم تر إلى النحل ومسدساته والى العنكبوت ومثلثاته والى الطبع وتشكيلاته كل ذلك بايحاء الله والهاماته بل الكل من الدرة إلى الذرة مجالي قدرته ومراتب علمه قال السيد المحقق الداماد في القبسات ما من معجزة فعلية مأتى بها الا وفى أفاعيل الله تعالى قبلنا من جنسها أكبر وأبهر منها وآنق واعجب واحكم وأتقن فخلق النار مثلا أعظم من جعلها بردا وسلاما على إبراهيم وخلق الشمس والقمر والجليدية والحس المشترك أعظم من شق القمر في الحس المشترك ولو تدبر متدبر في خلق معدل النهار ومنطقة البروج متقاطعين على الحدة والانفراج لا على زوايا قوايم وجعل مركز الشمس ملازما لسطح منطقة البروج في حركتها الخاصة وما في ذلك من استلزام بدايع الصنع وغرايب التدبير واستتباع فيوض الخيرات ورواشح البركات في افاق نظام العالم العنصري لدهشته الحيرة وطفق يخر مبهورا في عقله مغشيا عليه في حسه وذلك أن هو الا فعل ما من أفاعيله سبحانه وصنع ما من صنايعه عز سلطانه انتهى وبالجملة عدم ادراك الناس آيات الله تعالى وبيناته لانهم ينظرون إلى الأشياء نظر الحس ولا ينظرون نظر العقل ولا يتفكرون في خلق السماوات والأرض ولا يرجعون المركبات إلى أصولهم البسيطة وموادهم العرية عن الحلى
(٧١)