شرح الأسماء الحسنى - الملا هادى السبزواري - ج ٢ - الصفحة ٦٨
قابلية طارية على نفسه وقصور باع عارض لشخصه استأنس ثانيا باستيناسه مضيفا إلهه إلى نفسه متعجبا عن انه كيف يطرد المسكين المستجير من هو المجير القدير الذي بابه مفتوح للداخلين وسبيله واضح للمنيبين وتعاهد انه من تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا ومن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا ومن اتانى مشيا أتيته هرولة والمسكين هو الفقير وان قلنا بالفرق فهنا هما واحد كما قيل الفقير والمسكين كالظرف والجار والمجرور إذا اجتمعا افترقا وإذا افترقا اجتمعا وكما افتخر صلى الله عليه وآله بالفقر وقال الفقر فخري سئل في المناجاة المسكنة وقال اللهم أحيني مسكينا وأمتني مسكينا واحشرني في زمرة المساكين والفقير الحقيقي من لا يملك فعلا ولا صفة ولا وجودا ويشهد ان الملك لله الواحد القهار والفقر منه نوراني محمود ومنه ظلماني مذموم الأول ما عرفته والثاني ضيق المعيشة مع عدم الصبر والرضا بل مع الكفر ان كما قال (ع) كاد الفقر ان يكون كفرا وأيضا حاجة الممكن لامكانه اللازم لمهيته وقد ورد عنه (ع) الفقر سواد الوجه في الدارين وفيه وجوه منها ان يكون المراد بالفقر الفقر المذموم وهو حاجة الممكن المذكورة ومنها ان يراد بسواد الوجه محو وجه النفس الموهوم وصحو وجه الله المعلوم ومنها ان يراد بسواد الوجه محو وجه الله إذ في الفناء المحض لا وجود للسالك حتى يق لوجوده وجه إلى مهيته ووجه إلى ربه فإنه إذا بزغ نور شمس الحقيقة اضمحلت ظلمات المجازات كما إذا طلع شمس عالم الشهادة انطمست الظلام والظلال ومن هنا ورد عن المشايخ نهاية الفقر بداية الغناء لأنه إذا جاوز الشئ حده انعكس ضده ويمكن ان يحمل قوله (ع) كاد الفقر ان يكون كفرا عليه أي كاد ان يكون سترا محضا بان يصير وجود الفقير عدما محضا في جنب وجود الحق الغنى شهودا أيضا أو كاد ان يتفوه الفقير بالشطحيات التي تترائى في ظاهر الشريعة انها كفر لو لم يؤل ومنها ان يراد بسواد الوجه السواد الأعظم كما ورد عليكم بسواد الأعظم وبالوجه الوجود المطلق المنبسط الذي هو فقر المهيات إليه تعالى وربطها به فالفقير لا بد وأن يكون متمكنا في هذا السواد الأعظم ولكون الخاتم صلى الله عليه وآله متمكنا فيه اطلق عليه الحقيقة المحمدية فإضافة سواد الوجه بيانية أي الفقر هو السواد الأعظم الذي هو وجه الله أينما تولوا فثم وجه الله ومنها ان يراد بسواد الوجه تسويد الظاهر بتحمل أعباء الملامة على الكاهل في حب الله تعالى كما قال تعالى ولا يخافون لومة لائم وقال الشاعر أجد الملامة في هواك لذيذة حبا لذكرك فليلمني اللوم ومنها ان يراد بسواد الوجه نور الذات فان النور الأسود نور الذات كما قيل سياهى چون به بيني نور ذاتست
(٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 ... » »»