خالية في ذاتها عن الوجود فضلا عن توابعه وان جعلت ما هو ذاته نفس المادة التي حظها القوة الاستعدادية فمعلوم خلوها عن الكمال الأول والثاني فالممكن من حيث ذاته أجوف وكذا ناقص ومعتل وما فيه كلها أمانة وعارية من الصحيح والمضاعف أعني حقيقة الوجود ووصف المخلوق بالأجوف في مقابل نعت الحق بالصمد لأنه بسيط الحقيقة كل الوجود وكله الوجود وتأويل الصمد ما لا جوف له لأنه من الصمت ومعتمل من الاعتمال وهو شدة العمل كالتعمل في لسان الحكماء المستعمل في المهية الامكانية لان زيادة المباني تدل على زيادة المعاني وفيه إشارة لطيفة إلى أن الممكن موجود بتعمل العقل كما أشار علي (ع) إليه في حديث الحقيقة بقوله محو الموهوم وصحو المعلوم وقوله (ع) فرضاه ثوابه أعم من الثواب الذي هو مثل المحبة كما قال تعالى يحبهم ويحبونه ورضاه أعم من الرضا الذاتي أو الفعلي وليس كما زعم الزمخشري ان محبته تعالى لعباده كناية عن ايصال الثواب بل محمولة على حقيقة المحبة ولولا المحبة ولا سيما المحبة الإلهية لانطمس العالم ولم يتكون ادم ولو تفطنت لرأيت نظام العالم متسقا بالمحبة والشوق والعشق وفى النظرة الأولى وان ترائى مدخلية الخوف في التنظيم لكن في النظرة الثانية ينكشف ان الأصل هو المحبة والخوف خادم لها وكانه ملك له رؤوس بعدد الخلايق يخدم؟ المحبة والعشق وقد حكموا بسريان العشق وهو في عين سريانه واحد بسيط باسقاط الإضافات فهو الساري العاري والمنجمد الجاري على الدراري والذراري وهذه أعباء ذنوبي درأتها برأفتك ورحمتك وهذه اهوائي المضلة وكلتها إلى جناب لطفك وعفوك أعباء جمع العب ء بالكسر بمعنى الحمل والثقل من أي شئ كان درأتها دفعتها والرأفة ارق من الرحمة ولا يكاد تقطع في الكراهة والرحمة قد تقطع للمصلحة كذا قال بعض أهل اللغة والاهواء بقرينة التوصيف بالمضلة وبقرينة المقابلة للنفس في قوله وهذه أزمة نفسي المراد بها الوساوس الشيطانية الداعية إلى مخالفة الحق والانحراف عن الشرع وارتكاب المحظور لا الهواجس النفسانية التي فيها حظوظ للنفس وان ناسبها لفظ الهوى الا ان المراد الهوى المشفوع بالاغواء وقد مر في الخواطر ما يوضح المقام وكلتها بالتخفيف من وكل الامر إلى الله يكل استسلم إليه والمقص كما أشرنا سابقا الاعتصام بحول الله تعالى وقوته وفى الأداء بصيغ التكلم في المقامات الثلاثة إشارة إلى أن الروح الانساني من عالم أمر الرب ومن معدن السطوة والقدرة استدلته مجالسة
(٧٩)