فيحمل الشيطان حملة على العقل ويقوى داعى الهوى فيقول ما هذا الزهد البارد ولم تمتنع عن هواك فتؤذى نفسك وهل ترى أحدا من أهل عصرك يخالف هواه أو ترك عزيمته أفتترك ملاذ الدنيا لهم يستمتعون منها وتحجر على نفسك حتى (تبقى حجر)؟؟ وما مطعونا يضحك عليك أهل الزمان تريد ان تزيد منصبك على فلان بن فلان وقد فعلوا مثل ما اشتهيت ولم يمنعوا إما ترى العالم الفلاني ليس يحترز عن فعل ذلك ولولا كان شرا لامتنع عنه فيميل النفس إلى الشيطان وينقلب إليه فيحمل الملك حملة على الشيطان ويقول هل لك الا من اتبع لذة الحال ونسى العاقبة أفتقنع بلذة يسيرة وتترك الجنة ونعيمها أبد الآباد أو تتثقل ألم الصبر عن شهوة ولا تتثقل ألم النار أتغتر بغفلة الناس عن أنفسهم واتباعهم الهوى ومساعدتهم الشيطان مع أن عذاب النار لا يخفف بمعصية غيرك فعند ذلك يميل النفس إلى قول الملك فلا يزال مرددا بين الجندين متجاذبا إلى الجانبين إلى أن يغلب على القلب من هو أولي به فان غلب على القلب الصفات الشيطانية غلب الشيطان واجري على جوارحه سوابق القدر ما هو سبب بعده عن الله تعالى وان غلب عليه الصفات الملكية لم يصغ القلب إلى اغواء الشيطان وظهرت الطاعة على جوارحه بموجب ما سبق من القضا وقلب المؤمن بين إصبعين من أصابع الرحمن وفى الحديث في القلب لمتان لمة من الملك ايعاد بالخير وتصديق بالحق ولمة من العدو ايعاد بالشر وتكذيب للحق الحديث إلهي أتراني ما اتيتك الا من حيث الآمال الهمزة للتقرير طلبا للعطوفة والرحمة لان حملها على معناها الحقيقي متعذر أو من باب تجاهل العارف الذي هو من المحسنات البديعة لنكتة الوله والدهشة وانهما بلغا حدا لا يعرف الداعي المتحسر بهما شيئا والجملة المنفية في موضع المفعول الثاني لتراني إن كان من رأى العلمية وفى موضع الحال إن كان من رأى البصرية أم علقت بأطراف حبالك الا حين باعدتني ذنوبي من دار الوصال علقت أي اعتصمت عطف على اتيتك فيدخل ما النافية عليه واوتى بصيغة الجمع في الأطراف والحبال تنبيها على كثرة الوسايل والأسباب والمراقي إلى الله تعالى والاستثناء في الموضعين مفرغ أي ما أتيت من مكان الا من مكان الآمال وما علقت بها حينا الا حين كذا
(٥٨)