في اخر الشهر وهما من ليالي المحاق ومنه قول الشاعر للبدر منه ائتلاق الوجه من لهب وللسرار انمحاق الخصر من هيف وترك العطف في صل لكمال الانقطاع بين الجملتين المقتضى للفصل ثم لما كانت الطريقة الأقوم والوتيرة الأجمل الأتم في عرض الحاجة لدى الغنى المغنى الأكرم الأجود الأعظم ان يمجد أولا علو شأنه ويبجل سمو مكانه وبعد اجراء شطر من الفضايل عليه واهداء شكر عضة من الفواضل لديه فليتوسل بذيل أكرم أحبائه ومقربيه وأفضل أودائه ومجاوريه ليقع عرضه موقع القبول ويظفر بنيل المأمول اشتغل (ع) بعد ذكر طايفة من جمايله وفضايله بالصلاة على أكرم وسايله وأشرف قواده ودلايله محمد وآله هذا على وفق السيرة الفاضلة والسنة العادلة والعادة الجيدة الكاملة واما بحسب العقل فليعلم ان لا ربط للحادث بالقديم الا بواسطة وللممكن بالواجب الا برابطة برزخية ذات حظ من الجانبين متمكنة في الحد المشترك الطرفين ومن ثم اشتهرت كيفية ربط المعلول الحادث بالعلة القديمة بالداء العياء لأنها أعيت عقول العقلاء المتفكرين حيث إنه لا يجوز تخلف المعلول عن العلة التامة خصوصا المبدء التام الغنى الذي لا يحتاج إلى معاون أو آلة أو معد أو شرط حتى انتظار وقت أو نحو ذلك والاشكال في موضعين أحدهما ربط الحوادث اليومية وهذا يتوجه على الحكيم والمتكلم كليهما وكيفية ربطها بالقديم تعالى شانه ان الحركة المستديرة الفلكية أقدم وابقى وأدوم من الحركات المستقيمة والكاينات العنصرية وتلك الحركة الفلكية كساير الحركات المستقيمة تنشعب إلى حركة بمعنى القطع والى حركة بمعنى التوسط وقد حقق في موضعه ان القطع أمر ممتد منقسم راسم للزمان والتوسط أمر بسيط محفوظ دائم في جميع حدود الحركة ثابت بذاته انما التغير في نسبه إلى حدود المسافة وهو بإزاء الآن السيال فعلة كل حادث في عالم الكون مجموع أمرين أصل ثابت قديم وهو قدرة الله ونور الله وكلمة الله وامر الله عباراتنا شتى وحسنك واحد وشئ حادث جديد شيئا فشيئا هو جزء من تلك الحركة القطعية هو شرط تأثير ذلك الأصل القديم فبذلك الجزء يسند إليه الحادث الكوني واما اسناد نفس الحركة إلى الله تعالى فباعتبار جنبته التوسط لان الثابت منسوب إلى الثابت كما أن الحادث منسوب إلى الحادث هذا عند أكثر الحكماء وعند بعض محققيهم كيفية الربط بان الطبيعة الفلكية متجددة ذاتا بنحو تجدد الأمثال ولها وجه عقلي بسيط دائم عند الله فهى باعتبار مراتبها المتجددة
(٢٩)