وقال الاشراقيون حضوري أي وجودها علمه بها والحق هو الثاني واما المطلب الثاني فنقول علمه تعالى له مرتبتان علم عنائي ذاتي في مقام الخفا والغيب المطلق وعلم فعلى في مقام الظهور والفعل فالأولى مقام التفصيل في الاجمال وهو ما قال الحكماء الراسخون فيه ان بسيط الحقيقة كل الأشياء بنحو أعلى وليس بشئ منها والثانية مقام الاجمال في التفصيل الله نور السماوات والأرض وفيه قال الحكماء الإلهيون صفحة نفس الامر وصحيفة عالم الوجود في الأعيان بالنسبة إليه تعالى كصفحة الأذهان بالنسبة إلينا ففي الأولى وجدان ذلك البسيط كل وجود بنحو أعلاه علم سابق على كل مرتبة فان العلم بالشئ هو حضوره للمجرد وأي حضور أشد من حضور النحو الاعلى من الشئ للمجرد المنطوى في حضور ذاته لذاته فان علمه بذاته على وجه يستتبع علمه بما عدا ذاته والاستتباع والاستلزام هنا على التحقيق من قبيل الملزوم واللازم الغير المتأخر في الوجود كما في مفاهيم أسمائه وصفاته بالنسبة إلى وجود ذاته وصور أسمائه وصفاته من المهيات والأعيان الثابتات كذلك بالنسبة إلى وجود ذاته فهو تعالى عن المثل والتشبيه كمرآة فيها صور جميع الأشياء إذا كانت عالمة بذاتها حاضرة ذاتها لذاتها ثم في مقام العلم الفعلي الثانوي أيضا علم سابق لان وجود الأشياء بما هو مضاف إليها معلوم الله وهو بما هو مضاف إلى الله علمه ومعلوم ان اضافته إلى الله سابقة سبقا ذاتيا أزليا على اضافته إلى مهياتها الامكانية وهو بما هو معلوم ليس صفة لله تعالى وفيه التغير والتغاير وبما هو علم صفة فعلية لله ليس فيها تكثر كما قال تعالى وما امرنا الا واحدة ولا فيها تغير كما قال الحكماء الأزمنة والزمانيات بالنسبة إليه تعالى كالان والأمكنة والمكانيات بالنسبة إليه كالنقطة فلا دثور ولا زوال ما عندكم ينفد وما عند الله باق ولا مضى ولا حال ولا استقبال لديه ليس عند ربى صباح ولا مسا بل هذا هكذا عند مقربي حضرته فضلا عن جنابه الأقدس بل عنوان الوجود إذا تذكرت احكامه المذكورة في العلم الإلهي يرشدك إلى ما ذكرنا فضلا عن عنوان الوجوب وفى العلم مباحث شريفة ولكن فيما ذكرنا غنية للمستبصر يا من أرقدني في مهاد امنه وأمانه أرقدني أنامني والامن ضد الخوف وهو اطمينان القلب وسكون النفس والأمان الحراسة والكلائة ولما مجده تعالى بذكر طايفة من الفضايل بعضها ثبوتية جمالية وبعضها سلبية جلالية كما قال تعالى تبارك اسم ربك ذو الجلال والاكرام شرع في تعظيمه بذكر بعض أمهات الفواضل بعضها من باب جلب المنفعة من باب دفع المضرة ومن أمهات جوالب المنفعة الامن
(٢٦)