شرح الأسماء الحسنى - الملا هادى السبزواري - ج ٢ - الصفحة ٢٤
هي الشهود والعلم الاشراقي الحضوري فكيف طلب موسى (ع) الرؤية وهو طلب الحاصل له وكيف أجيب بلن تراني قلت الرؤية والشهود على وجه حاصل لأكثر الأولياء ولاكثر الأنبياء عادته وديدنه وانما طلب الرؤية على وجه اقتضاه مقام الخاتمية وبوجه اخر أقوال لطلاب الحق جل شانه مراتب فمنهم من يراه بان يشاهد الكل مظاهر أسمائه ومجالى صفاته وهذا مقامه ولكن يطلب ان يراه بان يشاهد أسمائه وصفاته ويستهلك في نظر شهوده المظاهر فيرى الحيوان مظهر المدرك السميع البصير والملك مجلى السبوح القدوس والانسان مظهر اسم الجلالة وهكذا ولكن يطلب مقاما أشمخ وأعلى منه وهو ان يرى المدرك السميع البصير السبوح القدوس من غير أن يرى الحيوان والملك أو يرى الله جل جلاله من غير أن يرى الانسان وهكذا ومنهم من هو في المقام الثاني أعني يرى السميع البصير لا الحيوان والسبوح القدوس لا الملك والله تعالى لا الانسان الكامل ولكن يطلب مقاما أشمخ منه وهو ان يرى المسمى والموصوف لا الأسماء والصفات لان كمال الاخلاص نفى الصفات كما هو المأثور عن صاحب هذا الدعاء فيقال له لن تراني إذ لا يرى ذاته كما هو هو الا هو ويتلاشى عند نار هذا التجلي كل ما هو سوى ذاته فلا يبقى ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا آلو العزم ولا آدم ولا خاتم ويقال ان في التورية انه لا يراني ابن ادم وهو حي أي بحيوته الامكانية وبانيته المحدودة وقريب من هذا ما ورد انه لا يقوم القيمة وعلى وجه الأرض من يقول الله الله وتخصيص الأشاعرة الرؤية بالآخرة باعتبار ان الكامل بما هو مشاهد للأمور الباطنة أخروي وإن كان ببدنه بعد في الدنيا أو باعتبار ان أعذب انحاء الشهود وأحلاها وأخلصها عن الشوايب واصفاها وأمثلها واسناها يتيسر في الآخرة كما قال تعالى فكشفنا عنك غطائك فبصرك اليوم حديد وكما قال الناطق بكلمة لم أعبد ربا لم أره والمبدى بمخزونة لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا عند الشهادة فزت برب الكعبة واما الرؤية البصرية فلا ينبغي للعاقل ان يتوقف في محاليتها لأنها لا تعقل بلا مكان وجهة وبدون مقابلة ومواجهة وتأثير القوى الجسمانية وتأثرها بمشاركة الوضع وكل ذلك من لوازم الجسمية والأشاعرة أيضا متحاشون عنها ومن أصر منهم على الرؤية البصرية فنحن نتبرأ منهم وما حققنا انما هو تفسير وتأويل للروية والنظر الواردين في كلام الله تعالى ورسوله وأوليائه وبذل جهدنا انما هو فيه ثم إن بين قرب وبعد تضادا كما أن بين الظنون والعيون ايهام التضاد وعلم بما كان قبل ان يكون
(٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 ... » »»