شرح الأسماء الحسنى - الملا هادى السبزواري - ج ٢ - الصفحة ٢٣
المعتزلة إلى الامتناع دنيا وآخرة والأشاعرة إلى الجواز آخرة فقالوا انه تعالى يرى وينكشف لعباده المؤمنين في الآخرة انكشاف البدر المرئي وحرر بعض متأخريهم محل النزاع بأنه لا نزاع للنافين في جواز الانكشاف التام العلمي ولا للمثبتين في امتناع ارتسام صورة من المرئي في العين أو اتصال الشعاع الخارج من العين بالمرئي وانما محل النزاع انا إذا عرفنا الشمس مثلا بحد أو رسم كان نوعا من المعرفة ثم إذا أبصرناها وغمضنا العين كان نوعا آخر من المعرفة فوق الأول ثم إذا فتحنا العين حصل نوع آخر من الادراك فوق الأولين نسميه الرؤية ولا تتعلق في الدنيا الا بما هو جهة ومكان فمثل هذه الحالة الادراكية بل تصح ان تقع بدون المقابلة والجهة وان تتعلق بالحق المتعال منزها عن الجهة والمكان أم لا والكتب الكلامية مشحونة بذكر حجج الفريقين من أراد فليطالعها والحق ان مراد محققي الأشاعرة من الرؤية هو شهود الحق بالحق بعين اليقين أو حق اليقين كما مر في بعض وجوه قوله (ع) يا من دل على ذاته بذاته وهو مجمع عليه للعرفاء الشامخين والعقلاء والمتكلمين بل جميع ارسال الرسل وانزال الكتب وارشاد الكاملين المكملين انما هو للايصال إلى هذه البغية العظمى والغبطة الكبرى كما قال تعالى وما خلقت الجن والإنس الا ليعبدون وفى القدسي خلقت الخلق لكي اعرف والفلاسفة قالوا الفلسفة هي التشبه بالإله أو التخلق باخلاق الله علما وعملا وجعلوا أخيرة مراتب العمل أيضا الشهود والمعرفة فان العمل تهذيب الظاهر وتهذيب الباطن والتحلي بالفضايل والفناء ثم فسروا الفنا بان يرى ويشاهد كل قدرة مستغرقة في قدرة الله تعالى وكل علم مستهلكا في علمه تعالى بل كل وجود وكمال وجود مستهلكا في وجوده فانظر إلى جعلهم غاية العمل هي المعرفة والشهود ولذا فسر المفسرون ليعبدون بقولهم ليعرفون وكما أن المعرفة الشهودية هي الغبطة العظمى فالحرمان عنها هو الغبن الأفحش وسم باب الأرقش كما أخبر عن سوء عاقبة المحرومين كلا انهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون وفى دعاء كميل عن علي (ع) فهبني يا إلهي وسيدي ومولاي وربى صبرت على عذابك فكيف اصبر على فراقك وفى مناجاة الشيخ عبد الله الأنصاري قدس سره إلهي چون آتش فراق داشتى با آتش دوزخ چكار داشتى وقولهم في تحرير محل النزاع فمثل تلك الحالة الادراكية اه ينادى بذلك فإنه يكون من باب خذ الغايات ودع المبادى وبذلك فليتصالح الفئتان فان الانكشاف التام العلمي المجوز عند المعتزلة يحمل على العلم الحضوري ولا يقتصر على الحصولي ان قلت إذا كان المراد بالرؤية
(٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 ... » »»