التفسير الصافي - الفيض الكاشاني - ج ٦ - الصفحة ٥١٩
* (إن الله يحب المقسطين) *: قيل: نزلت في قتال حدث بين الأوس والخزرج في عهده (صلى الله عليه وآله) بالسعف والنعال (1).
وفي الكافي (2)، والتهذيب (3)، والقمي: عن الصادق، عن أبيه (عليهما السلام) في حديث قال: لما نزلت هذه الآية قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن منكم من يقاتل بعدي على التأويل كما قاتلت على التنزيل، فسئل من هو؟ قال: خاصف النعل، يعني أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال عمار بن ياسر:
قاتلت بهذه الراية مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثلاثا وهذه الرابعة، والله لو ضربونا حتى يبلغوا بنا السعفات (4) من هجر (5) لعلمنا إنا على الحق وإنهم على الباطل، وكانت السيرة فيهم من أمير المؤمنين (عليه السلام) ما كان من رسول الله (صلى الله عليه وآله) في أهل مكة يوم فتح مكة فإنهم لم يسب لهم ذرية، وقال: من أغلق بابه فهو آمن، ومن ألقى سلاحه فهو آمن، ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن، وكذلك قال أمير المؤمنين (عليه السلام) يوم البصرة، نادى فيهم: لا تسبوا لهم ذرية، ولا تجهزوا على جريح، ولا تتبعوا مدبرا، ومن أغلق بابه وألقى سلاحه فهو آمن (6).
وفي الكافي: عنه (عليه السلام) إنما جاء تأويل هذه الآية يوم البصرة، وهم أهل هذه الآية، وهم الذين بغوا على أمير المؤمنين (عليه السلام) فكان الواجب عليه قتالهم وقتلهم حتى يفيؤوا إلى أمر الله، ولو لم يفيؤوا لكان الواجب عليه فيما أنزل الله أن لا يرفع السيف عنهم حتى يفيؤوا ويرجعوا عن رأيهم، لأنهم بايعوا طائعين غير كارهين، وهي الفئة الباغية كما قال الله عز وجل، فكان الواجب على أمير المؤمنين (عليه السلام) أن يعدل فيهم حيث كان ظفر بهم، كما عدل رسول الله (صلى الله عليه وآله) في أهل مكة، إنما من عليهم وعفا، وكذلك صنع علي أمير المؤمنين (عليه السلام) بأهل البصرة حيث ظفر بهم مثل ما صنع النبي (صلى الله عليه وآله) بأهل مكة، حذوا النعل بالنعل (7).

١ - قاله البيضاوي في تفسيره أنوار التنزيل: ج ٢، ص ٤٠٩، س ١٢.
٢ - الكافي: ج ٥، ص ١١، قطعة من حديث ٢، باب وجوه الجهاد.
٣ - تهذيب الأحكام: ج ٦، ص ١٣٦ - ١٣٧، ح ٢٣٠ / ١، باب ٥٩، أصناف من يجب جهاده.
٤ - السعفات: جمع سعفة - بالتحريك -: جريدة النخل ما دامت بالخوص، فإن زال عنها قيل: جريدة، وقيل: إذا يبست سميت سعفة، والرطبة شطبة. مجمع البحرين: ج ٥، ص ٧٠، مادة " سعف ".
٥ - هجر: مدينة وهي قاعدة البحرين، وربما قيل: الهجر، بالألف واللام، وقيل: ناحية البحرين كلها هجر وهو الصواب. معجم البلدان: ج ٥، ص ٣٩٣.
٦ - تفسير القمي: ج ٢، ص ٣٢١، س ٥.
٧ - الكافي: ج ٨، ص 180، ح 202.
(٥١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 514 515 516 517 518 519 520 521 522 523 524 ... » »»