كلمتموه فلا تجاوزوا أصواتكم عن صوته.
* (ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض) *: ولا تبلغوا به الجهر الدائر بينكم، بل اجعلوا أصواتكم أخفض من صوته، محاماة على الترحيب، ومراعاة للأدب، وتكرير النداء لاستدعاء مزيد الإستبصار، والمبالغة في الإتعاظ، والدلالة على استقلال المنادى له، وزيادة الإهتمام به.
* (أن تحبط أعملكم) *: كراهة أن تحبط أعمالكم.
* (وأنتم لا تشعرون) *: إنها محبطة، القمي: نزلت في وفد بني تميم، كانوا إذا قدموا على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقفوا على باب حجرته فنادوا يا محمد اخرج إلينا، وكانوا إذا خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) تقدموه في المشي، وكانوا إذا كلموه رفعوا أصواتهم فوق صوته، ويقولون يا محمد يا محمد ما تقول في كذا كما يكلمون بعضهم بعضا فأنزل الله (1).
وفي الجوامع: عن ابن عباس نزلت في ثابت بن قيس بن شماس، وكان في اذنه وقر، وكان جهوري الصوت، فكان إذا كلمه رفع صوته، وربما تأذى رسول الله (صلى الله عليه وآله) بصوته، قال:
وروي أنه لما نزلت الآية فقد ثابت فتفقده رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأخبر بشأنه فدعاه فسأله، فقال: يا رسول الله لقد أنزلت هذه الآية وإني جهوري الصوت فأخاف أن يكون عملي قد حبط، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لست هناك فإنك تعيش بخير، وتموت بخير، وإنك من أهل الجنة (2).
وفي تفسير الإمام (عليه السلام): في سورة البقرة عند قوله تعالى: " لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا " (3) عن الكاظم (عليه السلام) إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما قدم المدينة وكثر حوله المهاجرون والأنصار، وكثرت عليه المسائل، وكانوا يخاطبونه بالخطاب العظيم الذي لا يليق به، وذلك أن الله تعالى كأن قال: " يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي " الآية، وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) بهم رحيما، وعليهم عطوفا، وفي إزالة الآثام عنهم مجتهدا، حتى أنه كان ينظر إلى من يخاطبه فيعمد على أن يكون صوته مرتفعا على صوته ليزيل عنه ما توعده الله من إحباط عمله حتى أن رجلا أعرابيا ناداه يوما خلف حائط بصوت له جهوري يا محمد فأجابه بأرفع