التفسير الصافي - الفيض الكاشاني - ج ٦ - الصفحة ٥٢٤
يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير 13 من عرض المغتاب على أفحش وجه مع مبالغات الاستفهام المقرر، وإسناد الفعل إلى أحد للتعميم وتعليق المحبة بما هو في غاية الكراهة، وتمثيل الإغتياب بأكل لحم الإخوان وجعل المأكول أخا وميتا وتعقيب ذلك بقوله: " فكرهتموه " تقريرا وتحقيقا لذلك، وقرئ مشددا.
* (واتقوا الله إن الله تواب رحيم) *: لمن اتقى ما نهي عنه، وتاب مما فرط منه.
في الجوامع: روي أن أبا بكر، وعمر بعثا سلمان إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليأتي لهما بطعام، فبعثه إلى أسامة بن زيد، وكان خازن رسول الله (صلى الله عليه وآله) على رحله، فقال: ما عندي شئ، فعاد إليهما، فقالا: بخل أسامة، ولو بعثنا سلمان إلى بئر سميحة (1) لغار ماؤها، ثم انطلقا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال لهما: مالي أرى خضرة اللحم في أفواهكما؟ قالا: يا رسول الله ما تناولنا اليوم لحما، قال: ظلمتم تفكهون لحم سلمان وأسامة فنزلت (2).
* (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى) *: من آدم وحواء.
* (وجعلناكم شعوبا وقبائل) *: القمي: قال: الشعوب: العجم، والقبائل: العرب (3).
ورواه في المجمع عن الصادق (عليه السلام) (4).
* (لتعارفوا) *: ليعرف بعضكم بعضا لا للتفاخر بالآباء والقبائل.
* (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) *: فإن بالتقوى تكمل النفوس وتتفاضل الأشخاص، فمن أراد شرفا فليلتمس منها.
القمي: هو رد على من يفتخر بالأحساب والأنساب، وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم فتح

١ - سميحة - كجهينة -: بئر بالمدينة غزيرة. القاموس المحيط: ج ١، ص ٢٢٩، مادة " سمح ".
٢ - جوامع الجامع: ص ٤٥٩، س ٣، الطبعة الحجرية، وفيه: " ظللتم تأكلون لحم سلمان وأسامة ". وهذا هو الأصح.
٣ - تفسير القمي: ج ٢، ص 322، س 7.
4 - مجمع البيان: ج 9 - 10، ص 138، س 7.
(٥٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 519 520 521 522 523 524 525 526 527 528 529 ... » »»