التفسير الصافي - الفيض الكاشاني - ج ٦ - الصفحة ٣٨
القمي: كان سبب نزولها (1) أنه لما رجع رسول الله (صلى الله عليه وآله) من غزوة خيبر وأصاب كنز آل أبي الحقيق قلن أزواجه: أعطنا ما أصبت، فقال لهن رسول الله (صلى الله عليه وآله): قسمته بين المسلمين على ما أمر الله عز وجل، فغضبن من ذلك، وقلن: لعلك ترى أنك إن طلقتنا أن لا نجد الأكفاء من قومنا يتزوجونا، فأنف (2) الله عز وجل لرسوله، فأمره أن يعتزلهن، فاعتزلهن رسول الله (صلى الله عليه وآله) في مشربة أم إبراهيم تسعة وعشرين يوما حتى حضن وطهرن، ثم أنزل الله عز وجل هذه الآية وهي آية التخيير، فقامت أم سلمة أول من قامت فقالت: قد اخترت الله ورسوله، فقمن كلهن فعانقنه، وقلن مثل ذلك، فأنزل الله تعالى " ترجى من تشاء منهن وتؤي إليك من تشاء " الآية (3) (4).
قال الصادق (عليه السلام): من آوى فقد نكح، ومن أرجى فقد طلق، فقوله عز وجل: " ترجى من تشاء منهن " مع هذه الآية " يا أيها النبي قل لأزواجك " الآية وقد أخرت عنها في

١ - ذكر الطبرسي في تفسيره مجمع البيان، ج ٧ - ٨، ص ٣٥٣، في شأن نزول هذه الآية: قال المفسرون: إن أزواج النبي (صلى الله عليه وآله) سألنه شيئا من عرض الدنيا وطلبن منه زيادة في النفقة، وآذينه لغيرة بعض على بعض، فآلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) منهن شهرا، فنزلت آية التخيير وهو قوله: " قل لأزواجك " وكن يومئذ تسعا: عائشة، وحفصة، وأم حبيبة بنت أبي سفيان، وسودة بنت زمعة، وأم سلمة بنت أبي أمية، فهؤلاء من قريش، وصفية بنت حيي الخيبرية، وميمونة بنت الحارث الهلالية، وزينب بنت جحش الأسدية، وجويرية بنت الحارث المصطلقية.
أقول: وهكذا راجع تفسير البغوي: ج ٣، ص ٥٢٥، وتفسير القرطبي: ج ١٤، ص ١٦٢، وتفسير الطبري:
ج ٢١، ص ١٠٠، وتفسير البحر المحيط: ج ٧، ص ٢٢٧، وأنوار التنزيل: ج ٢، ص ٢٤٤، وتفسير أبي السعود:
ج ٧
، ص ١٠٠ - ١٠١، وتفسير ابن كثير: ج ٣، ص ٤١٠ - ٤١١.
وأضاف الطبرسي في نفس المصدر السابق قائلا: روى الواحدي باسناده، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) جالسا مع حفصة فتشاجر بينهما، فقال لها: هل لك أن أجعل بيني وبينك رجلا، قالت: نعم، فأرسل إلى عمر فلما أن دخل عليهما، قال لها: تكلمي، فقالت: يا رسول الله تكلم ولا تقل إلا حقا، فرفع عمر يده فوجأ وجهها ثم رفع يده فوجأ وجهها، فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): كف، فقال عمر: يا عدوة الله، النبي لا يقول إلا حقا، والذي بعثه بالحق لولا مجلسه ما رفعت يدي حتى تموتي، فقام النبي (صلى الله عليه وآله) فصعد إلى غرفة فمكث فيها شهرا لا يقرب شيئا من نسائه يتغذى ويتعشى فيها، فأنزل الله تعالى هذه الآيات.
أقول: لم أعثر عليها في كتاب أسباب النزول للواحدي، ذيل هذه الآيات، ولعله والله العالم حذفت هذه الرواية منه عند تجديد طباعته.
٢ - أنف من الشئ يأنف أنفا وأنفة: أي استنكف. الصحاح: ج ٤، ص ١٣٣٣، مادة " أنف ".
٣ - الأحزاب: ٥١.
٤ - تفسير القمي: ج ٢، ص 192، س 8.
(٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 ... » »»