التفسير الصافي - الفيض الكاشاني - ج ٦ - الصفحة ٢٦
ولقد بححت من النداء بجمعكم هل من مبارز * ووقفت إذ جبن الشجاع مواقف القرن المناجز إني كذلك لم أزل متسرعا نحو الهزائز * إن الشجاعة في الفتى والجود من خير الغرائز فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من لهذا الكلب؟ فلم يجبه أحد، فوثب إليه أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: أنا له يا رسول الله، فقال: يا علي هذا عمرو بن عبد ود فارس نبيل، فقال: أنا علي بن أبي طالب، فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): ادن مني فدنا منه فعممه بيده ودفع إليه سيفه ذا الفقار، وقال له: إذهب وقاتل بهذا، وقال اللهم احفظه من بين يديه، ومن خلفه، وعن يمينه، وعن شماله، ومن فوقه، ومن تحته، فمر أمير المؤمنين (عليه السلام) يهرول في مشيته وهو يقول:
لا تعجلن فقد أتاك مجيب صوتك غير عاجز * ذو نية وبصيرة والصدق منجي كل فائز إني لأرجو أن أقيم عليك نائحة الجنائز * من ضربة نجلاء يبقى صيتها بعد الهزائز فقال له عمرو: من أنت؟ قال: أنا علي بن أبي طالب ابن عم رسول لله (صلى الله عليه وآله) وختنه.
فقال: والله إن أباك كان لي صديقا ونديما وإني أكره أن أقتلك، ما أمن ابن عمك حين بعثك إلي أن أختطفك برمحي هذا فأتركك شائلا بين السماء والأرض لا حي ولا ميت. فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): قد علم ابن عمي أنك إن قتلتني دخلت الجنة وأنت في النار، وإن قتلتك فأنت في النار وأنا في الجنة، فقال عمرو: وكلتاهما لك يا علي " تلك إذا قسمة ضيزى " (1) (2)، فقال علي (عليه السلام): دع هذا يا عمرو، إني سمعت منك وأنت متعلق بأستار الكعبة تقول: لا يعرض علي أحد في الحرب ثلاث خصال إلا أجبته إلى واحدة منها، وأنا أعرض عليك ثلاث خصال فأجبني إلى واحدة، فقال: هات يا علي. قال: تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله (صلى الله عليه وآله)

١ - النجم: ٢٢.
٢ - قسمة ضيزى: أي ناقصة. ويقال: جائرة من قولهم ضازه حقه: أي نقصه، وضاز في الحكم: أي جار فيه.
مجمع البحرين: ج ٤، ص 23، مادة " ضيز ".
(٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 ... » »»