الذراع. قال جابر: فأقبلت أدخل عشرة عشرة، فيأكلون حتى أكلوا كلهم، وبقي والله لنا من ذلك الطعام ما عشنا به أياما. قال: وحفر رسول الله (صلى الله عليه وآله) الخندق، وجعل له ثمانية أبواب، وجعل على كل باب رجلا من المهاجرين، ورجلا من الأنصار مع جماعة يحفظونه، وقدمت قريش، وكنانة، وسليم، وهلال، فنزلوا الزغابة (1)، ففرغ رسول الله (صلى الله عليه وآله) من حفر الخندق قبل قدوم قريش بثلاثة أيام، وأقبلت قريش ومعهم حيي بن أخطب، فلما نزلوا العقيق جاء حيي بن أخطب إلى بني قريظة في جوف الليل، وكانوا في حصنهم قد تمسكوا بعهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) فدق باب الحصن فسمع كعب بن أسيد قرع الباب فقال لأهله: هذا أخوك قد شأم قومه وجاء الآن يشأمنا ويهلكنا، ويأمرنا بنقض العهد بيننا وبين محمد (صلى الله عليه وآله)، وقد وفى لنا محمد (صلى الله عليه وآله) وأحسن جوارنا، فنزل إليه من غرفته فقال له: من أنت؟ قال حيي بن أخطب: قد جئتك بعز الدهر، فقال كعب: بل جئتني بذل الدهر، فقال: يا كعب هذه قريش في قادتها وسادتها قد نزلت بالعقيق مع حلفائهم من كنانة، وهذه فزارة مع قادتها، وسادتها قد نزلت الزغابة، وهذه سليم وغيرهم قد نزلوا حصن بني ذيبان، ولا يفلت محمد وأصحابه من هذا الجمع أبدا فافتح الباب وانقض العهد الذي بينك وبين محمد (صلى الله عليه وآله)، فقال كعب: لست بفاتح لك الباب إرجع من حيث جئت، فقال حيي: ما يمنعك من فتح الباب إلا حشيشتك التي في التنور مخافة أن أشركك فيها فافتح فإنك آمن من ذلك، فقال له كعب لعنك الله لقد دخلت علي من باب دقيق، ثم قال:
افتحوا له الباب ففتح له، فقال: ويلك يا كعب انقض العهد الذي بينك وبين محمد (صلى الله عليه وآله) ولا ترد رأيي فان محمدا لا يفلت من هذا الجمع أبدا فإن فاتك هذا الوقت لا تدرك مثله أبدا قال:
فاجتمع كل من كان في الحصن من رؤساء اليهود مثل غزال بن شمول، وياسر بن قيس، ورفاعة بن زيد، والزبير بن ياطا، فقال لهم كعب: ما ترون؟ قالوا: أنت سيدنا، والمطاع فينا، وصاحب عهدنا وعقدنا فان نقضت نقضنا معك، وان أقمت أقمنا معك، وان خرجت خرجنا معك. فقال الزبير بن ياطا وكان شيخا كبيرا مجربا وقد ذهب بصره: قد قرأت التوراة التي أنزلها الله تعالى في سفرنا بأنه يبعث نبيا في آخر الزمان يكون مخرجه بمكة، ومهاجره في هذه البحيرة، يركب الحمار العري، ويلبس الشملة، ويجتزي بالكسرات والتميرات، وهو الضحوك