التفسير الصافي - الفيض الكاشاني - ج ٦ - الصفحة ٢٢٥
بالمشركين فصعب ذلك على داود (عليه السلام)، فكتب إليه ثانية أن قدمه أمام التابوت فقدم فقتل أوريا فتزوج داود (عليه السلام) بامرأته، قال: فضرب الرضا (عليه السلام) يده على جبهته، وقال إنا لله وإنا إليه راجعون، لقد نسبتم نبيا من أنبياء الله (عليهم السلام) إلى التهاون بصلاته حتى خرج في أثر الطير ثم، بالفاحشة، ثم بالقتل، فقيل: يا ابن رسول الله فما كانت خطيئته؟ فقال: ويحك إن داود (عليه السلام) إنما ظن أنه ما خلق الله عز وجل خلقا هو أعلم منه فبعث الله عز وجل إليه الملكين فتسورا المحراب فقالا له: " خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط واهدنا إلى سواء الصراط * إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولى نعجة وحدة فقال أكفلنيها وعزني في الخطاب " فعجل داود (عليه السلام) على المدعى عليه فقال: لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه ولم يسأل المدعى البينة على ذلك، ولم يقبل على المدعى عليه فيقول له: ما تقول: فكان هذا خطيئة في رسم الحكم لا ما ذهبتم إليه، ألا تسمع الله تعالى يقول: " يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق " إلى آخر الآية؟ فقيل: يا ابن رسول الله فما قصته مع أوريا؟
قال الرضا (عليه السلام): إن المرأة في أيام داود (عليه السلام) كانت إذا مات بعلها أو قتل لا تتزوج بعده أبدا، فأول من أباح الله تعالى أن يتزوج بامرأة قتل بعلها داود (عليه السلام)، فتزوج بامرأة أوريا لما قتل وانقضت عدتها منه فذلك الذي شق على الناس من قبل أوريا (1).
والقمي: عن الصادق (عليه السلام) ما يقرب مما روته العامة، وكذبه الرضا (عليه السلام) كما مر مع زيادات، وفيه ما فيه (2).
وعن الباقر (عليه السلام) في قوله: " وظن داود " (عليه السلام) أي علم، " وأناب " أي تاب، وذكر أن داود (عليه السلام) كتب إلى صاحبه أن لا تقدم أوريا بين يدي التابوت ورده فقدم أوريا إلى أهله ومكث ثمانية أيام ثم مات (3).
وفي المجالس: عن الصادق (عليه السلام) قال: ان رضا الناس لا يملك، وألسنتهم لا تضبط، ألم ينسبوا إلى داود (عليه السلام) أنه تبع الطير حتى نظر إلى امرأة أوريا فهواها؟ وأنه قدم زوجها أمام

١ - عيون أخبار الرضا: ج ١، ص ١٩٣ - ١٩٤، قطعة من ح ١، باب ١٤ - ذكر مجلس آخر للرضا (عليه السلام) عند المأمون مع أهل الملل والمقالات وما أجاب به علي بن محمد بن الجهم في عصمة الأنبياء (عليهم السلام) ٢ - تفسير القمي: ج ٢، ص ٢٢٩ - ٢٣٠.
٣ - تفسير القمي: ج ٢، ص 234، س 1.
(٢٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 220 221 222 223 224 225 226 227 228 229 230 ... » »»