التفسير الصافي - الفيض الكاشاني - ج ٦ - الصفحة ١٢
عليهم أن يكون أحب إليهم من أنفسهم، وأمره أنفذ عليهم من أمرها، وشفقتهم عليه أتم من شفقتهم عليها.
في المجمع: عن النبي (صلى الله عليه وآله) إنه لما أراد غزوة تبوك وأمر الناس بالخروج قال قوم: نستأذن آبائنا وأمهاتنا فنزلت هذه الآية (1).
وعن الباقر والصادق (عليهما السلام): أنهما قرءا وأزواجه أمهاتهم وهو أب لهم (2).
والقمي: قال: نزلت وهو أب لهم (3).
أقول: يعني في الدين والدنيا جميعا، أما في الدين فإن كل نبي أب لامته من جهة أنه أصل فيما به الحياة الأبدية، ولذلك صار المؤمنون إخوة.
وورد أيضا عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: أنا وعلي أبوا هذه الأمة (4)، كما مر في سورة البقرة (5).
وذلك لأنهما في هذا المعنى سواء إلا أن عليا (عليه السلام) بعد النبي، وأما في الدنيا فلإلزام الله إياه مؤنتهم، وتربية أيتامهم ومن يضيع منهم.
القمي: جعل الله عز وجل المؤمنين أولاد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وجعل رسول الله (صلى الله عليه وآله) أباهم لمن لم يقدر أن يصون نفسه، ولم يكن له مال، وليس له على نفسه ولاية، فجعل الله تعالى لنبيه الولاية على المؤمنين، وجعله أولى بالمؤمنين من أنفسهم، وهو قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) بغدير خم:
" أيها الناس ألست أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا: بلى " ثم أوجب لأمير المؤمنين (عليه السلام) ما أوجبه لنفسه عليهم من الولاية، فقال: " ألا من كنت مولاه فعلي مولاه "، فلما جعل الله النبي (صلى الله عليه وآله) أبا للمؤمنين ألزمه مؤنتهم وتربية أيتامهم فعند ذلك صعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) المنبر فقال: من ترك مالا فلورثته، ومن ترك دينا أو ضياعا فعلي والي فألزم الله نبيه للمؤمنين ما يلزم الوالد للولد، وألزم المؤمنين من الطاعة له ما يلزم الولد للوالد فكذلك ألزم أمير المؤمنين (عليه السلام) ما ألزم رسول الله (صلى الله عليه وآله) من بعد ذلك وبعده الأئمة صلوات الله عليهم واحدا واحدا، قال: والدليل على أن

١ و ٢ - مجمع البيان: ج ٧ - ٨، ص ٣٣٨.
٣ - تفسير القمي: ج ٢، ص ١٧٥، س ١٠.
٤ - عيون أخبار الرضا: ج ٢، ص ٨٥، ح ٢٩، ومعاني الأخبار: ص 52، ح 3، باب 27، وعلل الشرائع: ص 127، ح 2، باب 106، واكمال الدين: ص 261، ح 7، باب 24.
5 - ذيل الآية: 83، راجع ج 1، ص 223 من كتابنا تفسير الصافي.
(١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 ... » »»