التفسير الصافي - الفيض الكاشاني - ج ٤ - الصفحة ٣٩٦
في الكافي والتوحيد عن الصادق عليه السلام إنه قال في هذه الآية إن الله تبارك وتعالى لا يأسف كأسفنا ولكنه خلق أولياء لنفسه يأسفون ويرضون وهم مخلوقون مربوبون فجعل رضاهم رضا نفسه وسخطهم سخط نفسه وذلك لأنه جعلهم الدعاة إليه والأدلاء عليه فلذلك صاروا كذلك وليس أن ذلك يصل إلى الله كما يصل إلى خلقه ولكن هذا معنى ما قال من ذلك وقال أيضا من أهان لي وليا فقد بارزني بالمحاربة ودعاني إليها وقال أيضا من يطع الرسول فقد أطاع الله وقال أيضا إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله وكل هذا وشبه على ما ذكرت لك وهكذا الرضا والغضب وغيرهما من الأشياء مما يشاكل ذلك ولو كان يصل إلى المكون الأسف والضجر وهو الذي أحدثهما وأنشأهما لجاز لقائل أن يقول إن المكون يبيد يوما لأنه إذا دخله الضجر والغضب دخله التغير وإذا دخله التغير لم يؤمن عليه بالإبادة ولو كان ذلك كذلك لم يعرف المكون من المكون ولا القادر من المقدور ولا الخالق من المخلوق تعالى الله عن هذا القول علوا كبيرا هو الخالق للأشياء لا لحاجة فإذا كان لا لحاجة استحال الحد والكيف فيه فافهم ذلك إنشاء الله (56) فجعلناهم سلفا قدوة لمن بعدهم من الكفار وقرئ سلفا بضمتين ومثلا للآخرين وعظة لهم (57) ولما ضرب ابن مريم مثلا لعلي بن أبي طالب عليه السلام حيث قيل إن فيه شبها منه إذا قومك قريش منه من هذا المثل يصدون قيل أي يضجون فرحا لظنهم أن الرسول صار ملزما به وقرئ بالضم من الصدود أي يصدون عن الحق ويعرضون عنه وقيل هنا لغتان وفي المعاني عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال في هذه الآية الصدود في العربية الضحك (58) وقالوا أآلهتنا خير أم هو وقرئ بإثبات همزة الاستفهام ما ضربوه لك إلا جدلا ما ضربوا هذا المثل إلا لأجل الجدل والخصومة لا لتمييز الحق من عن الباطل بل هم قوم خصمون شداد الخصومة حراص على اللجاج
(٣٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 391 392 393 394 395 396 397 398 399 400 401 ... » »»
الفهرست