والهمزة فيها للتقرير أو متصلة والمعنى أفلا تبصرون فتعلمون أني خير منه (53) فلولا ألقى عليه أساورة من ذهب أي فهلا القي إليه مقاليد الملك إن كان صادقا إذ كانوا إذ سودوا رجلا سوروه وطوقوه بطوق من ذهب وأساورة جمع أسوار بمعنى السوار وقرئ أسورة أو جاء معه الملائكة مقترنين مقارنين يعينونه أو يصدقونه (54) فاستخف قومه استخف أحلامهم أو طلب منهم الخفة في مطاوعته ودعاهم فأطاعوه فيما أمرهم به إنهم كانوا قوما فاسقين أطاعوا ذلك الفاسق في نهج البلاغة ولقد دخل موسى بن عمران ومعه أخوه هارون على فرعون وعليهما مدارع الصوف وبأيديهما العصا فشرطا له إن أسلم فلذلك بقاء ملكه ودوام عزه فقال ألا تعجبون من هذين يشرطان لي دوام العز وبقاء الملك وهما بما ترون من حال الفقر والذل فهلا ألقي عليهما أساور من ذهب إعظاما للذهب وجمعه احتقارا للصوف ولبسه ولو أراد الله سبحانه لأنبيائه حيث بعثهم أن يفتح لهم كنوز الذهبان ومعادن العقيان ومغارس الجنان وأن يحشر معهم طيور السماء ووحوش الأرضين لفعل ولو فعل لسقط البلاء وبطل الجزاء واضمحل الأنباء ولما وجب للقائلين أجور المبتلين ولا استحق المؤمنون ثواب المحسنين ولا لزمت الأسماء معانيها ولكن الله سبحانه جعل رسله أولي قوه في عزائمهم وضعفة فيما ترى الأعين من حالاتهم مع قناعة تملأ القلوب والعيون غنى وخصاصة تملأ الأبصار والأسماع أذى ولو كانت الأنبياء أهل قوة لا ترام وعزة لا تضام وملك تمد نحوه أعناق الرجال وتشد إليه عقد الرحال لكان ذلك أهون على الخلق في الاعتبار وأبعد لهم من الاستكبار ولامنوا عن رهبة قاهرة لهم أو رغبة مايلة بهم وكانت السيئات مشتركة والحسنات مقتسمة ولكن الله سبحانه أراد أن يكون الأتباع لرسله والتصديق بكتبه والخشوع لوجهه والاستكانة لأمره والاستسلام لطاعته أمورا له خاصة لا يشوبها من غيرها شائبة وكلما كانت البلوى والاختبار أعظم كانت المثوبة والجزاء أجزل (55) فلما أسفونا أغضبونا بالإفراط في العناد والعصيان انتقمنا منهم فأغرقناهم أجمعين في اليم
(٣٩٥)