التفسير الصافي - الفيض الكاشاني - ج ٣ - الصفحة ٥٨
البالغة وقدرته النافذة وتدبيره الكامل ولطفه الشامل وحسن تربيته وصنايعه شيئا فشيئا إلى بلوغها منتهى كمالاتها اللايقة بها.
(5) وإن تعجب يا محمد من قولهم في إنكار البعث فعجب من قولهم فحقيق بأن يتعجب منه فإن من قدر على إنشاء ما قص عليك كانت الإعادة أهون عليه أإذا كنا ترابا أإنا لفي خلق جديد (1) أولئك الذين كفروا بربهم لإنكارهم قدرته وتماديهم في الكفر (2) وأولئك الاغلال في أعناقهم مقيدون بالضلال لا يرجى خلاصهم لإصرارهم وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون لا ينفكون عنها.
(6) ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة بالعقوبة قبل العافية وذلك أنهم استعجلوا بالعذاب استهزاءا وقد خلت مضت من قبلهم المثلات عقوبات أمثالهم من المكذبين فما بالهم لم يعتبروا بها في نهج البلاغة إحذروا ما نزل بالأمم قبلكم من المثلات بسوء الأفعال وذميم الأعمال فتذكروا في الخير والشر أحوالهم واحذروا أن تكونوا أمثالهم وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم أي مع ظلمهم أنفسهم بالذنوب وإن ربك لشديد العقاب.
في المجمع لما نزلت هذه الآية قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لولا عفو الله وتجاوزه ما هنأ أحد العيش ولولا وعيد الله وعقابه لاتكل كل أحد.
وفي التوحيد عن الرضا عليه السلام حين تذاكروا الكباير وقول المعتزلة فيها إنها لا تغفر قال أبو عبد الله عليه السلام قد نزل القرآن بخلاف قول المعتزلة قال جل جلاله وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم (7) ويقول الذين كفروا لولا أنزل عليه آية من ربه لم يعتدوا بالآيات المنزلة عنادا واقترحوا نحو ما أوتي موسى وعيسى إنما أنت منذر مرسل للأنذار كغيرك من الرسل وما عليك إلا الإتيان بما يصح به أنك رسول مخوف ومنذر والآيات كلها متساوية

1 - بدل من قولهم أو مفعول له والفاعل في إذا محذوف دل عليه لفي خلق جديد 2 - تمادى في الذنوب لج وداوم وتوسع فيها ومثله تمادى في الجهل وتمادى في غيه م‍
(٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 ... » »»
الفهرست