التفسير الصافي - الفيض الكاشاني - ج ٣ - الصفحة ٥٧
(3) وهو الذي مد الأرض بسطها طولا وعرضا ليثبت فيه الأقدام ويتقلب عليها الحيوان وجعل فيها رواسي جبالا ثوابت (1) وأنهارا تتولد منها ومن كل الثمرات جعل فيها زوجين اثنين وجعل فيها من جميع أنواعها صنفين اثنين أسود وأبيض حلوا وحامضا رطبا ويابسا صغيرا وكبيرا وما أشبه ذلك من الأصناف المختلفة يغشى الليل النهار يلبس ظلمة الليل ضياء النهار فيصير الهواء مظلما بعد ما كان مضيئا وقرئ يغشي بالتشديد إن في ذلك لايات لقوم يتفكرون (2).
(4) وفي الأرض قطع متجاورات متلاصقة من طيبة وسبخة (3) ورخوة وصلبة وصالحة للزرع دون الشجر وبالعكس وغير صالحة لشئ منهما وجنات من أعناب وزرع ونخيل فيها أنواع الأعناب والزرع والنخيل وقرئ وزرع ونخيل بالرفع وكذلك في معطوفهما صنوان نخلات أصلها واحد وغير صنوان متفرقات مختلفة الأصول أو أمثال وغير أمثال وفي الحديث النبوي عم الرجل صنو أبيه يسقى وقرئ بالياء بماء وحد ونفضل وقرئ بالياء بعضها على بعض في الاكل (4) في الثمر شكلا وقدرا ورائحة وطعما.
العياشي عنهم عليهم السلام يعني هذه الأرض الطيبة مجاورة لهذه الأرض المالحة وليست منها كما يجاور القوم القوم وليسوا منهم.
وفي المجمع عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وسلم إنه قال لعلي عليه السلام الناس من شجر شتى وأنا وأنت من شجرة واحدة ثم قرأ هذه الآية إن في ذلك لايات لقوم يعقلون يستعملون عقولهم بالتفكر فيهتدون إلى عظمة الصانع وعلمه وحكمته

1 - فيهما فان تكونهما وتخصصهما بوجه دون وجه دليل على وجود صانع حكيم دبر أمرهما وهيأ أسبابهما 2 - لتمسك الأرض ولو أراد ان يمسكها من غير جبال لفعل الا انه أمسكها بالرواسي لان ذلك أقرب إلى افهام الناس وادعى لهم إلى الاستدلال والنظر م‍ 3 - السبخة بالفتح واحدة السباخ وهي ارض مالحة يعلوها الملوحة ولا تكاد تنبت الا بعض الأشجار يقال سبخت الأرض من باب تعب فهي سبخة بكسر الباء واسكانها تخفيف ويجمع المكسور على سبخات مثل كلمة وكلمات والساكن على سباخ مثل كلبة وكلاب م‍ 4 - وفي هذا أوضح دلالة على أن لهذه الأشياء صانعا قادرا أحدثها وأبدعها ودبرها على ما تقتضيه حكمته والاكل الثمر الذي يؤكل م‍ ن
(٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 ... » »»
الفهرست