أمه خرج من الغار وقد غابت الشمس نظر إلى الزهرة في السماء، فقال: (هذا ربى) فلما غابت الزهرة قال: لو كان ربي ما تحرك وما برح، ثم قال: (لا أحب الآفلين)، والآفل: الغائب فلما رآى القمر بازغا قال هذا ربي هذا أكبر) وأحسن، فلما تحرك وزال قال: (لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين) فلما أصبح وطلعت الشمس ورآى ضوءها وقد أضاءت الدنيا لطلوعها (قال هذا ربي هذا أكبر) وأحسن فلما تحركت وزالت كشط الله له عن السماوات حتى رأى العرش ومن عليه وأراه الله ملكوت السماوات والأرض فعند ذلك قال: (يا قوم إني برئ مما تشركون إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين) فجاء إلى أمه وأدخلته إلى دارها وجعلته بين أولادها قال:
وسئل أبو عبد الله عليه السلام عن قول إبراهيم عليه السلام (هذا ربي) أشرك في قوله:
هذا ربي قال: من قال هذا اليوم فهو مشرك، ولم يكن من إبراهيم عليه السلام شرك، وإنما كان في طلب ربه، وهو من غيره شرك.
والعياشي: مثله، وزاد عن أحدهما عليهما السلام إنما كان طالبا لربه ولم يبلغ كفرا، وأنه من فكر من الناس في مثل ذلك فإنه بمنزلته.
(80) وحاجه قومه: وخاصموه في التوحيد قال أتحجوني في الله: في وحدانيته، وقرئ بتخفيف النون. وقد هدان إلى توحيده. ولا أخاف ما تشركون به: أي لا أخاف معبوداتكم قط، لأنها لا قدرة لها على ضر ولا على نفع. إلا أن يشاء ربى شيئا: أن يصيبني بمكروه وكأنه جواب لتخويفهم إياه من جهة آلهتهم وسع ربى كل شئ علما: فلا يستبعد أن يكون في علمه إنزال مخوف بي. أفلا تتذكرون فتميزوا بين القادر والعاجز.
(81) وكيف أخاف ما أشركتم: ولا يتعلق به ضرر ولا تخافون أنكم أشركتم بالله: وهو حقيق بأن يخاف منه كل الخوف لأنه إشراك للمصنوع بالصانع، وتسوية بين المقدور والعاجز والقادر الضار النافع ما لم ينزل به عليكم سلطانا: حجة، والمعنى وما لكم تنكرون علي الأمن في موضع الأمن، ولا تنكرون على أنفسكم الأمن في موضع الخوف. فأي الفريقين أحق بالأمن: الموحدون أو المشركون. إن كنتم تعلمون.