التفسير الصافي - الفيض الكاشاني - ج ٢ - الصفحة ١٣٤
الأفول من صفات المحدث لا من صفات القديم (فلما رآى القمر بازغا قال هذا ربى) على الإنكار والاستخبار (فلما أفل قال عليه السلام لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين) فلما أصبح (ورآى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبر) من الزهرة والقمر، على الإنكار والاستخبار لا على الأخبار والإقرار (فلما أفلت قال) للأصناف الثلاثة من عبدة الزهرة والقمر والشمس: (يا قوم إني برئ مما تشركون إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين) وإنما أراد إبراهيم عليه السلام بما قال: أن يبين لهم بطلان دينهم ويثبت عندهم أن العبادة لخالقها وخالق السماوات والأرض وكان ما احتج به على قومه ما ألهمه الله وآته كما قال تعالى: (وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء)، فقال المأمون: لله درك يا ابن رسول الله.
والقمي: عن الصادق عليه السلام إن آزر أبا إبراهيم عليه السلام كان منجما لنمرود بن كنعان فقال له: إني أرى في حساب النجوم أن هذا الزمان يحدث رجلا فينسخ هذا الدين، ويدعو إلى دين آخر، فقال له نمرود: في أي بلاد يكون؟ قال: في هذه البلاد، وكان منزل نمرود بكوثاريا، فقال له نمرود: قد خرج إلى الدنيا؟ قال آزر: لا، قال:
فينبغي أن يفرق بين الرجال والنساء فحملت أم إبراهيم بإبراهيم عليه السلام ولم يتبين حملها، فلما حان ولادتها قالت: يا آزر إني قد اعتللت وأريد أن أعتزل عنك، وكان في ذلك الزمان المرأة إذا اعتلت اعتزلت عن زوجها فخرجت واعتزلت في غار، ووضعت إبراهيم عليه السلام وهيئته وقمطته ورجعت إلى منزلها وسدت باب الغار بالحجارة.
فأجرى الله لإبراهيم عليه السلام لبنا من إبهامه، وكانت أمه تأتيه ووكل نمرود بكل امرأة حامل، وكان يذبح كل ولد ذكر. فهربت أم إبراهيم بإبراهيم عليه السلام من الذبح، وكان يشب إبراهيم في الغار يوما كما يشب غيره في الشهر حتى أتى له في الغار ثلاثة عشرة سنة.
فلما كان بعد ذلك زارته أمه، فلما أرادت أن تفارقه تشبث بها فقال: يا أمي أخرجيني، فقالت له: يا بني إن الملك إن علم أنك ولدت في هذا الزمان قتلك، فلما خرجت
(١٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 ... » »»
الفهرست