التفسير الأصفى - الفيض الكاشاني - ج ١ - الصفحة ٣١١
الرؤية، لئلا يقولوا: سكرت أبصارنا. (لقال الذين كفروا ان هذا الا سحر مبين) لعظم عنادهم وقسوة قلوبهم.
(وقالوا لولا أنزل عليه ملك) قال: (يعنى: يصدقه 1 ونشاهده، بل يكون نبيا دونه) 2. (ولو أنزلنا ملكا لقضى الأمر): لحق اهلاكهم، فان سنة الله جرت بذلك فيمن قبلهم (ثم لا ينظرون): لا يمهلون بعد نزوله، طرفة عين.
(ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا) لمثلناه رجلا، كما مثل جبرئيل في صورة دحية 3، فان القوة البشرية لا تقوى على رؤية الملك في صورته. (وللبسنا عليهم ما يلبسون): ولخلطنا عليهم ما يخلطون على أنفسهم، فيقولون: ما هذا الا بشر مثلنا، وكذبوه كما كذبوك.
ورد: (انه قيل لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لو كنت نبيا لكان معك ملك يصدقك ونشاهده، بل لو أراد الله أن يبعث إلينا نبيا لكان انما يبعث إلينا ملكا لا بشرا مثلنا، فنزلت هذه الآية، فقال صلى الله عليه وآله وسلم للقائل: الملك لم يشاهده حواسكم، لأنه من جنس هذا الهواء لأعيان منه، ولو شاهدتموه، بأن يزاد في قوى أبصاركم لقلتم: ليس هذا ملكا بل هذا بشر، لأنه انما كان يظهر لكم بصورة البشر الذي ألفتموه، لتفهموا عنه مقالته وتعرفوا خطابه ومراده، فكيف كنتم تعلمون صدق الملك، وأن ما يقوله حق؟ بل انما بعث الله بشرا وأظهر على يده المعجزات التي ليست في طبائع البشر الذين قد علمتم ضمائر قلوبهم، فتعلمون بعجزكم عما جاء به أنه معجزة، وأن ذلك شهادة من الله بالصدق له، ولو ظهر لكم ملك وظهر على يده ما يعجز عنه البشر، لم يكن في ذلك ما يدلكم أن ذلك ليس في طبائع سائر أجناسه من الملائكة حتى يصير ذلك

١ - أي: يصدق الملك النبي ونشاهد الملك. وفى (ب): (نصدقه).
٢ - الاحتجاج ١: ٢٧، عن أبي محمد العسكري عليه السلام، مع تفاوت.
3 - أي: دحية الكلبي.
(٣١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 306 307 308 309 310 311 312 313 314 315 316 ... » »»
الفهرست