(فلما وضعتها قالت رب إني وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت). اعتراض، وهو قول الله، وعلى قراءة المتكلم من كلامها، تسلية لنفسها، أي: ولعل لله فيه سرا أو الأنثى (1) كان خيرا. (وليس الذكر كالأنثى) من تتمة كلامها. قال: " أوحى الله إلى عمران إني واهب لك ذكرا سويا مباركا، يبرئ الأكمه والأبرص، ويحيي الموتى بإذن الله، وجاعله رسولا إلى بني إسرائيل، فحدث عمران امرأته " حنة " بذلك وهي أم مريم، فلما حملت بها، كان حملها عند نفسها غلاما، فلما وضعتها، قالت: " رب إني وضعتها أنثى وليس الذكر كالأنثى ": لا تكون البنت رسولا، يقول الله عز وجل " والله أعلم بما وضعت ". فلما وهب الله لمريم عيسى، كان هو الذي بشر به عمران ووعده إياه " (2).
وفي رواية: " إن الأنثى تحيض فتخرج من المسجد والمحرر لا يخرج من المسجد " (3).
وفي أخرى: " نذرت ما في بطنها للكنيسة أن تخدم العباد وليس الذكر كالأنثى في الخدمة، قال: فشبت وكانت تخدمهم وتناولهم حتى بلغت، فأمر زكريا أن يتخذ لها حجابا دون العباد " (4). (وإني سميتها مريم) معناه: العابدة (وإني أعيذها بك وذريتها): أجيرها بحفظك (من الشيطان الرجيم): المطرود. روي: " ما من مولود يولد إلا والشيطان يمسه حين يولد فيستهل صارخا من مسه إلا مريم وابنها " (5). قيل: يعني أن الشيطان يطمع في إغواء كل مولود بحيث يتأثر من طمعه فيه إلا مريم وابنها، فإن الله عصمهما ببركة هذه الاستعاذة (6).