التفسير الأصفى - الفيض الكاشاني - ج ١ - الصفحة ١٤٦
معرفة الله ومحبته ممن كان عارفا بالله محبا إياه محبوبا له، فإن من هذه صفاته، إنما نال هذه الصفات بالطاعة على الوجه المخصوص، وهو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومن يحذو حذوه، فمن أحب الله فلا بد له من اتباع الرسول في عبادته وسيرته وأخلاقه وأحواله حتى يحبه الله، إذ بذلك يحصل التقرب إلى الله، وبالتقرب يحصل محبة الله تعالى إياه، كما قال سبحانه: " وإن العبد ليتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه " (1). وأيضا لما كان الرسول حبيب الله فكل من يدعي محبة الله، لزمه محبة الرسول، لأن محبوب المحبوب محبوب، و محبة الرسول إنما تكون بمتابعته وسلوك سبيله، قولا وعملا وخلقا وحالا وسيرة و عقيدة، ولا يتمشى دعوى محبة الله إلا بهذا، فإنه قطب المحبة ومظهرها، فمن لم يكن له من متابعته نصيب لم يكن له من المحبة نصيب، ومن تابعه حق المتابعة ناسب باطنه و سره وقلبه ونفسه باطن الرسول وسره وقلبه ونفسه، وهو مظهر محبة الله، فلزم بهذه المناسبة أن يكون لهذا التابع قسط من محبة الله بقدر نصيبه من المتابعة، فيلقي الله محبته عليه، ويسري من باطن روح الرسول نور تلك المحبة إليه، فيكون محبوبا لله محبا له. ومن لم يتابعه يخالف باطنه باطن الرسول، فبعد عن وصف المحبوبية، وزال (2) المحبة عن قلبه أسرع ما يكون، إذ لو لم يحبه الله لم يكن محبا له، وفي حكم الرسول من أمر الله والرسول بحبه واتباعه، وهم الأئمة الأوصياء عليهم السلام.
قال: " من سره أن يعلم أن الله يحبه فليعمل بطاعة الله وليتبعنا. ألم تسمع قول الله تعالى لنبيه: " قل إن كنتم تحبون الله " الآية. والله لا يطيع الله عبد أبدا إلا أدخل الله عليه في طاعته اتباعنا، ولا والله لا يتبعنا عبد أبدا إلا أحبه الله، ولا والله لا يدع أحد اتباعنا أبدا إلا أبغضنا، ولا والله لا يبغضنا أحد أبدا إلا عصى الله، ومن مات عاصيا لله أخزاه الله و

١ - الكافي ٢: ٣٥٢، الحديث: 8، عن أبي جعفر عليه السلام، وفيه: " بالنافلة حتى أحبه ".
2 - كذا في جميع النسخ، ولعل الصواب: " وزوال المحبة " كما في الصافي 1: 304.
(١٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 ... » »»
الفهرست