أفرأيتم ما تمنون. أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون. نحن قدرنا بينكم الموت وما نحن بمسبوقين. على أن نبدل أمثالكم وننشئكم في مالا تعلمون. ولقد علمتم النشأة الأولى فلولا تذكرون. أفرأيتم ما تحرثون.
____________________
ذكر الثاني على تأويل الزقوم لأنه تفسيرها وهى في معناه (شرب الهيم) قرئ بالحركات الثلاث فالفتح والضم مصدران. وعن جعفر الصادق رضي الله عنه: أيام أكل وشرب بفتح الشين. وأما المكسور فبمعنى المشروب:
أي ما يشربه الهيم وهى الإبل التي بها الهيام وهو داء تشرب منه فلا تروى جمع أهيم وهيماء، قال ذو الرمة:
فأصبحت كالهيماء لا الماء مبرد * صداها ولا يقضى عليها هيامها وقيل الهيم الرمال، ووجهه أن يكون جمع الهيام بفتح الهاء وهو الرمل الذي لا يتماسك جمع على فعل كسحاب وسحب ثم خفف وفعل به ما فعل بجمع أبيض، والمعنى: أنه يسلط عليهم من الجوع ما يضطرهم إلى أكل الزقوم الذي هو كالمهل، فإذا ملئوا منه البطون يسلط عليهم من العطش ما يضطرهم إلى شرب الحميم الذي يقطع أمعاءهم فيشربونه شرب الهيم. فإن قلت: كيف صح عطف الشاربين على الشاربين وهما لذوات متفقة وصفتان متفقتان فكان عطفا للشئ على نفسه؟ قلت: ليستا بمتفقتين من حيث إن كونهم شاربين للحميم على ما هو عليه من تناهى الحرارة، وقطع الأمعاء أمر عجيب، وشربهم له على ذلك كما تشرب الهيم الماء أمر عجيب أيضا فكانتا صفتين مختلفتين. النزل. الرزق الذي يعد للنازل تكرمة له، وفى تهكم كما في قوله تعالى - فبشرهم بعذاب أليم - وكقول أبى الشعر الضبي:
وكنا إذا الجبار بالجيش ضافنا * جعلنا القنا والمرهفات له نزلا وقرئ نزلهم بالتخفيف (فلولا تصدقون) تحضيض على التصديق إما بالخلق لأنهم وإن كانوا مصدقين به إلا أنهم لما كان مذهبهم خلاف ما يقتضيه التصديق فكأنهم مكذبون به، وإما بالبعث لأن من خلق أولا لم يمتنع عليه أن يخلق ثانيا (ما تمنون) ما تمنونه أي تقذفونه في الأرحام من النطف، وقرأ أبو السمال بفتح التاء يقال أمنى النطفة ومناها قال الله تعالى - من نطفة إذا تمنى - (تخلقونه) تقدرونه وتصورونه (قدرنا بينكم الموت) تقديرا وقسمناه عليكم قسمة الرزق على اختلاف وتفاوت كما تقتضيه مشيئتنا فاختلفت أعماركم من قصير وطويل ومتوسط، وقرئ قدرنا بالتخفيف. سبقته على الشئ إذا أعجزته عنه وغلبته عليه ولم تمكنه منه، فمعنى قوله (وما نحن بمسبوقين على أن نبدل أمثالكم) أنا قادرون على ذلك لا تغلبوننا عليه. وأمثالكم جمع مثل: أي على أن نبدل منكم ومكانكم أشباهكم من الخلق (و) على أن (ننشئكم) في خلق لا تعلمونها وما عهدتهم بمثلها، يعنى أنا نقدر على الأمرين جميعا على خلق ما يماثلكم وما لا يماثلكم فكيف نعجز عن إعادتكم. ويجوز أن يكون أمثالكم جمع مثل:
أي على أن نبدل ونغير صفاتكم التي أنتم عليها في خلقكم وأخلاقكم وتنشئكم في صفات لا تعلمونها. قرئ النشأة والنشاءة، وفى هذا دليل على صحة القياس حيث جهلهم في ترك قياس النشأة الأخرى على الأولى (أفرأيتم ما تحرثون) ه
أي ما يشربه الهيم وهى الإبل التي بها الهيام وهو داء تشرب منه فلا تروى جمع أهيم وهيماء، قال ذو الرمة:
فأصبحت كالهيماء لا الماء مبرد * صداها ولا يقضى عليها هيامها وقيل الهيم الرمال، ووجهه أن يكون جمع الهيام بفتح الهاء وهو الرمل الذي لا يتماسك جمع على فعل كسحاب وسحب ثم خفف وفعل به ما فعل بجمع أبيض، والمعنى: أنه يسلط عليهم من الجوع ما يضطرهم إلى أكل الزقوم الذي هو كالمهل، فإذا ملئوا منه البطون يسلط عليهم من العطش ما يضطرهم إلى شرب الحميم الذي يقطع أمعاءهم فيشربونه شرب الهيم. فإن قلت: كيف صح عطف الشاربين على الشاربين وهما لذوات متفقة وصفتان متفقتان فكان عطفا للشئ على نفسه؟ قلت: ليستا بمتفقتين من حيث إن كونهم شاربين للحميم على ما هو عليه من تناهى الحرارة، وقطع الأمعاء أمر عجيب، وشربهم له على ذلك كما تشرب الهيم الماء أمر عجيب أيضا فكانتا صفتين مختلفتين. النزل. الرزق الذي يعد للنازل تكرمة له، وفى تهكم كما في قوله تعالى - فبشرهم بعذاب أليم - وكقول أبى الشعر الضبي:
وكنا إذا الجبار بالجيش ضافنا * جعلنا القنا والمرهفات له نزلا وقرئ نزلهم بالتخفيف (فلولا تصدقون) تحضيض على التصديق إما بالخلق لأنهم وإن كانوا مصدقين به إلا أنهم لما كان مذهبهم خلاف ما يقتضيه التصديق فكأنهم مكذبون به، وإما بالبعث لأن من خلق أولا لم يمتنع عليه أن يخلق ثانيا (ما تمنون) ما تمنونه أي تقذفونه في الأرحام من النطف، وقرأ أبو السمال بفتح التاء يقال أمنى النطفة ومناها قال الله تعالى - من نطفة إذا تمنى - (تخلقونه) تقدرونه وتصورونه (قدرنا بينكم الموت) تقديرا وقسمناه عليكم قسمة الرزق على اختلاف وتفاوت كما تقتضيه مشيئتنا فاختلفت أعماركم من قصير وطويل ومتوسط، وقرئ قدرنا بالتخفيف. سبقته على الشئ إذا أعجزته عنه وغلبته عليه ولم تمكنه منه، فمعنى قوله (وما نحن بمسبوقين على أن نبدل أمثالكم) أنا قادرون على ذلك لا تغلبوننا عليه. وأمثالكم جمع مثل: أي على أن نبدل منكم ومكانكم أشباهكم من الخلق (و) على أن (ننشئكم) في خلق لا تعلمونها وما عهدتهم بمثلها، يعنى أنا نقدر على الأمرين جميعا على خلق ما يماثلكم وما لا يماثلكم فكيف نعجز عن إعادتكم. ويجوز أن يكون أمثالكم جمع مثل:
أي على أن نبدل ونغير صفاتكم التي أنتم عليها في خلقكم وأخلاقكم وتنشئكم في صفات لا تعلمونها. قرئ النشأة والنشاءة، وفى هذا دليل على صحة القياس حيث جهلهم في ترك قياس النشأة الأخرى على الأولى (أفرأيتم ما تحرثون) ه