الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٤ - الصفحة ٥١
سورة الواقعة مكية وهى سبع وتسعون آية بسم الله الرحمن الرحيم إذا وقعت الواقعة. ليس لوقعتها كاذبة. خافضة رافعة.
____________________
سورة الواقعة مكية. وهى سبع وتسعون آية (بسم الله الرحمن الرحيم) (وقعت الواقعة) كقولك كانت الكائنة وحدثت الحادثة والمراد القيامة، وصفت بالوقوع لأنها تقع لا محالة فكأنه قيل: إذا وقعت التي لابد من وقوعها، ووقوع الأمر نزوله، يقال وقع ما كنت أتوقعه: أي نزل ما كنت أترقب نزوله. فإن قلت: بم انتصب إذا؟ قلت: بليس كقولك يوم الجمعة ليس لي شغل، أو بمحذوف يعنى إذا وقعت كان كيت وكيت، أو بإضمار أذكر (كاذبة) نفس كاذبة: أي لا تكون حين تقع نفس تكذب على الله وتكذب في تكذيب الغيب، لأن كل نفس حينئذ مؤمنة صادقة، وأكثر النفوس اليوم كو أذب مكذبات كقوله تعالى - فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده - لا يؤمنون به حتى يروا العذاب الأليم - ولا يزال الذين كفروا في مرية منه حتى تأتيهم الساعة بغتة - واللام مثلها في قوله تعالى - يا ليتني قدمت لحياتي - أو ليس لها نفس تكذبها وتقول لها لم تكوني كما لها اليوم نفوس كثيرة يكذبنها يقلن لها لن تكوني، أوهى من قولهم كذبت فلانا نفسه في الخطب العظيم إذا شجعته على مباشرته وقالت له إنك تطيقه وما فوقه فتعرض له ولا تبال به، على معنى أنها وقعة لا تطاق شدة وفظاعة، وأن لا نفس حينئذ تحدث صاحبها بما تحدثه به عند عظائم الأمور وتزين له احتمالها وإطاقتها لأنهم يومئذ أضعف من ذلك وأذل، ألا ترى إلى قوله تعالى - كالفراش المبثوث - والفراش مثل في الضعف. وقيل كاذبة مصدر كالعاقبة بمعنى التكذيب من قولك حمل على قرنه فما كذب: أي فما جبن وما تثبط، وحقيقته فما كذب نفسه فيما حدثته به من إطاقته له وإقدامه عليه، قال زهير: * إذا ما الليث كذب عن أقرانه صدقا * أي إذا وقعت لم تكن لها رجعة ولا ارتداد (خافضة رافعة) على هي خافضة رافعة ترفع أقواما وتضع آخرين، إما وصفا لها بالشدة لأن الواقعات العظام كذلك يرتفع فيها ناس إلى مراتب ويتضع ناس، وإما لأن الأشقياء يحطون إلى
(٥١)
مفاتيح البحث: سورة الواقعة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 ... » »»