الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٤ - الصفحة ٥٤
وفاكهة مما يتخيرون. ولحم طير مما يشتهون وحور. عين كأمثال اللؤلؤ المكنون. جزاء بما كانوا يعملون. لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما. إلا قيلا سلاما سلاما. وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين في سدر مخضود. وطلح منضود.
وظل ممدود. وماء مكسوب. وفاكهة كثيرة لا مقطوعة ولا ممنوعة وفرش مرفوعة.
إنا أنشأناهن إنشاء. فجعلناهن أبكارا.
____________________
وحقيقته لا يصدر صداعهم عنها أو لا يفرقون عنها. وقرأ مجاهد لا يصدعون بمعنى لا يتصدعون لا يتفرقون كقوله - يومئذ يصدعون - ويصدعون: أي لا يصدق بعضهم بعضا لا يفرقونهم (يتخيرون) يأخذون خيره وأفضله (يشتهون) يتمنون. وقرئ ولحوم طير. قرئ وحور عين بالرفع على وفيها حور عين كبيت الكتاب * إلا رواكد جمرهن هباء * ومشجج، أو للعطف على ولدان وبالجر عطفا على جنات النعيم كأنه قال: هم في جنات النعيم وفاكهة ولحم وحور، أو على أكواب، لأن معنى - يطوف عليهم ولدان مخلدون بأكواب - ينعمون بأكواب وبالنصب على ويؤتون حورا (جزاء) مفعول له: أي يفعل بهم ذلك كله جزاء بأعمالهم (سلاما سلاما) إما بدل من قيلا بدليل قوله - لا يسمعون فيها لغوا إلا سلاما - وإما مفعول به لقيلا بمعنى لا يسمعون فيها إلا أن يقولوا سلاما سلاما، والمعنى: أنهم يفشون السلام بينهم فيسلمون سلاما بعد سلام. وقرئ سلام سلام على الحكاية. السدر: شجر النبق. والمخضود: الذي لا شوك له كأنما خضد شوكه. وعن مجاهد: الموقر الذي تثنى أغصانه كثرة حمله، من خضد الغصن إذا ثناه وهو رطب. والطلح: شجر الموز، وقيل هو شجر أم غيلان وله نورا كثير طيب الرائحة. وعن السدى: شجر يشبه طلح الدنيا ولكن له ثمر أحلى من العسل. وعن علي رضي الله عنه أنه قرأ وطلع وما شأن الطلع، وقرأ قوله - لها طلع نضيد - فقيل له أو تحولها؟ فقال آي القرآن لا تهاج اليوم ولا تحول. وعن ابن عباس نحوه والمنضود: الذي نضد بالحمل من أسفله إلى أعلاه فليست له ساق بارزة (وظل ممدود) ممتد منبسط لا يتقلص كظل ما بين طلوع الفجر وطلوع الشمس (مسكوب) يسكب لهم أين شاءوا وكيف شاءوا لا يتعنون فيه. وقيل دائم الجرية لا ينقطع. وقيل منصوب يجرى على الأرض في غير أخدود (لا مقطوعة) هي دائمة لا تنقطع في بعض الأوقات كفواكه الدنيا (ولا ممنوعة) لا تمنع عن متناولها بوجه ولا يخطر عليها كما يخطر على بساتين الدنيا. وقرئ وفاكهة كثيرة بالرفع على وهناك فاكهة كقوله - وحور عين - (وفرش) جمع فراش، وقرئ وفرش بالتخفيف (مرفوعة) نضدت حتى ارتفعت أو مرفوعة على الأسرة. وقيل هي النساء لأن المرأة يكنى عنها بالفراش مرفوعة على الأرائك قال الله تعالى - هم وأزواجهم في ظلال على الأرائك متكئون - ويدل عليه قوله تعالى (إنا أشأناهن إنشاء) وعلى التفسير الأول أضمر لهن لأن ذكر الفرش وهى المضاجع دل عليهن أنشأناهن إنشاء: أي ابتدأنا خلقهن ابتداء جديدا من غير ولادة، فإما أن يراد اللاتي ابتدئ إنشاؤهن أن اللاتي أعيد إنشاؤهن. وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم " أن أم سلمة رضي الله عنها سألته عن قول الله تعالى إنا أنشأناهن فقال: يا أم سلمة هن اللواتي قبضن في دار الدنيا عجائز شمطا رمصا جعلن الله بعد الكبر أترابا على
(٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 ... » »»