الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٤ - الصفحة ٤٦
المنشآت في البحر كالاعلام. فبأي آلاء ربكما تكذبان. كل من عليها فان. ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام. فبأي آلاء ربكما تكذبان. يسأله من في السماوات والأرض كل يوم هو في شأن. فبأي آلاء ربكما تكذبان.
____________________
لها ثنايا أربع حسان * وأربع فكلها ثمان و (المنشآت) المرفوعات الشرع، وقرئ بكسر الشين وهى الرافعات الشرع أو اللاتي ينشئن الأمواج بجريهن. والأعلام جمع علم وهو الجبل الطويل (عليها) على الأرض (وجه ربك) ذاته والوجه يعبر به عن الجملة والذات، ومساكين مكة يقولون أين وجه عربي كريم ينقذني من الهوان، و (ذو الجلال والإكرام) صفة لوجه، وقرأ عبد الله ذي على صفة ربك، ومعناه: الذي يجله الموحدون عن التشبيه بخلقه وعن أفعالهم، أو الذي يقال له ما أجلك وأكرمك، أو من عنده الجلال والإكرام للمخلصين من عباده، وهذه الصفة من عظيم صفات الله، ولقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ألظوا بياذا الجلال والإكرام " وعنه عليه الصلاة والسلام " أنه مر برجل وهو يصلى ويقول: يا ذا الجلال والإكرام فقال: قد استجيب لك ". فإن قلت: ما النعمة في ذلك؟ قلت: أعظم النعمة وهو مجئ وقت الجزاء عقيب ذلك. كل من أهل السماوات والأرض مفتقرون إليه، فيسأله أهل السماوات ما يتعلق بدينهم وأهل الأرض ما يتعلق بدينهم ودنياهم (كل يوم هو في شأن) أي كل وقت وحين يحدث أمورا ويجدد أحوالا كما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه تلاها فقيل له: وما ذلك الشأن؟ فقال: من شأنه أن يغفر ذنبا ويفرج كربا ويرفع قوما ويضع آخرين. وعن ابن عيينة: الدهر عند الله تعالى يومان: أحدهما اليوم الذي هو مدة عمر الدنيا فشأنه فيه الأمر والنهى والإماتة والإحياء والإعطاء والمنع والآخر يوم القيامة فشأنه فيه الجزاء والحساب. وقيل نزلت في اليهود حين قالوا: إن الله لا يقضى يوم السبت شيئا. وسأل بعض الملوك وزيره عنها فاستمهله إلى الغد وذهب كئيبا يفكر فيها، فقال غلام له أسود: يا مولاي أخبرني ما أصابك لعل الله يسهل لك على يدي؟ فأخبره فقال: أنا أفسرها للملك فأعلمه، فقال: أيها الملك شأن الله أن يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل ويخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ويشفى سقيما ويسقم سليما ويبتلى معافى ويعافى مبتلى ويعز ذليلا ويذل عزيزا، ويفقر غنيا ويغنى فقيرا، فقال الأمير: أحسنت وأمر الوزير أن يخلع عليه ثياب الوزارة، فقال: يا مولاي هذا من شأن الله. وعن عبد الله بن طامر أنه دعا الحسين بن الفضل وقال له: أشكلت على ثلاث آيات دعوتك لتكشفها لي: قوله تعالى - فأصبح من النادمين - وقد صح أن الندم توبة، وقوله تعالى
(٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 ... » »»