الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٤ - الصفحة ٦٢
والرسول يدعوكم لتؤمنوا بربكم وقد أخذ ميثاقكم إن كنتم مؤمنين. هو الذي ينزل على عبده آيات بينات ليخرجكم من الظلمات إلى النور وإن الله بكم لرؤف رحيم. وما لكم ألا تنفقوا في سبيل الله ولله ميراث السماوات والأرض لا يستوى منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا
____________________
قائما بمعنى ما تصنع قائما أي وما لكم كافرين بالله. والواو في (والرسول يدعوكم) واو الحال فهما حالان متداخلتان وقرئ وما لكم لا تؤمنون بالله ورسوله والرسول يدعوكم، والمعنى: وأي عذر لكم في ترك الإيمان والرسول يدعوكم إليه وينبهكم عليه ويتلو عليكم الكتاب الناطق بالبراهين والحجج وقبل ذلك قد أخذ الله ميثاقكم بالإيمان حيث ركب فيكم العقول ونصب لكم الأدلة ومكنكم من النظر وأزاح عللكم، فإذا لم تبق لكم علة بعد أدلة العقول وتنبيه الرسول - فما لكم لا تؤمنون - (إن كنتم مؤمنين) لموجب ما، فإن هذا الموجب لا مزيد عليه. وقرئ أخذ ميثاقكم على البناء للفاعل وهو الله عز وجل (ليخرجكم) الله بآياته من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان أو ليخرجكم الرسول بدعوته (لرءوف) وقرئ لرؤف (وما لكم ألا تنفقوا) في أن لا تنفقوا (ولله ميراث السماوات والأرض) يرث كل شئ فيهما لا يبقى منه باق لأحد من مال وغيره: يعنى وأي غرض لكم في ترك الانفاق في سبيل الله والجهاد مع رسوله والله مهلككم فوارث أموالكم وهو من أبلغ البعث على الإنفاق في سبيل الله. ثم بين التفاوت بين المنفقين منهم فقال (لا يستوى منكم من أنفق) قبل فتح مكة: قبل عز الإسلام وقوة أهله ودخول الناس في دين الله أفواجا وقلة الحاجة إلى القتال والنفقة فيه ومن أنفق من بعد الفتح فحذف لوضوح الدلالة (أولئك) الذين أنفقوا قبل الفتح وهم السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار الذين قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم " لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه " (أعظم درجة) وقرئ قبل الفتح (وكلا) وكل واحد
(٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 ... » »»