تسقى من عين آنية، ليس لهم طعام إلا من ضريع. لا يسمن ولا يغنى من جوع.
____________________
الغاشية الداهية التي تغشى الناس بشدائدها وتلبسهم أهوالها: يعنى القيامة من قوله - يوم يغشاهم العذاب - وقيل النار من قوله - وتغشى وجوههم النار - ومن فوقهم غواش - (يومئذ) يوم إذ غشيت (خاشعة) ذليلة (عاملة ناصبة) تعمل في النار عملا تتعب فيه وهو جرها السلاسل والأغلال، وخوضها في النار كما تخوض الإبل في الوحل، وارتقاؤها دائبة في صعود من نار، وهبوطها في حدور منها. وقيل عملت في الدنيا أعمال السوء والتذت بها وتنعمت، فهي في نصب منها في الآخرة. وقيل عملت ونصبت في أعمال لا تجدى عليها في الآخرة من قوله - وقدمنا إلى ما عملوا من عمل - وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا - أولئك حبطت أعمالهم - وقيل الذين هم أصحاب الصوامع، ومعناه: أنها خشعت لله وعملت ونصبت في أعمالها من الصوم الدائب والتهجد الواصب.
وقرئ عاملة ناصبة على الشتم. قرئ تصلى بفتح التاء وتصلى بضمها وتصلى بالتشديد، وقيل المصلى عند العرب أن يحفروا حفيرا فيجمعوا فيه جمرا كثيرا، ثم يعمدوا إلى شاة فيدسوها وسطه، فأما ما يشوى فوق الجمر أو على المقلى أو في التنور فلا يسمى مصليا (آنية) متناهية في الحر كقوله - وبين حميم آن -. الضريع: يبيس الشبرق، وهو جنس من الشوك ترعاه الإبل ما دام رطبا، فإذ يبس تحامته الإبل وهو سم قاتل، قال أبو ذؤيب:
رعى الشبرق الريان حتى إذا ذوي * وعاد ضريعا بان عنه النحائص وقال:
وحبسن في هزم الضريع فكلها * حدباء دامية اليدين حرود فإن قلت: كيف قيل (ليس لهم طعام إلا من ضريع) وفى الحاقة - ولا طعام إلا من غسلين -؟ قلت: العذاب ألوان والمعذبون طبقات، فمنهم أكلة الزقوم، ومنهم أكلة الغسلين، ومنهم أكلة الضريع - لكل باب منهم جزء مقسوم - (لا يسمن) مرفوع المحل أو مجروره على وصف طعام أو ضريع: يعنى أن طعامهم من شئ ليس من مطاعم الانس: وإنما هو شوك، والشوك مما ترعاه الإبل وتتولع به، وهذا نوع منه تنفر عنه ولا تقربه، ومنفعتا الغذاء منتفيتان عنه وهما إماطة الجوع وإفادة القوة والسمن في البدن، أو أريد أن لا طعام لهم أصلا لان الضريع ليس بطعام للبهائم فضلا عن الانس، لان العظام ما أشبع أو أسمن وهو منهما بمعزل كما تقول: ليس لفلان ظل إلا الشمس، تريد نفى الظل على التوكيد. وقيل قالت كفار قريش: إن الضريع لتسمن عليه إبلنا، فنزلت
وقرئ عاملة ناصبة على الشتم. قرئ تصلى بفتح التاء وتصلى بضمها وتصلى بالتشديد، وقيل المصلى عند العرب أن يحفروا حفيرا فيجمعوا فيه جمرا كثيرا، ثم يعمدوا إلى شاة فيدسوها وسطه، فأما ما يشوى فوق الجمر أو على المقلى أو في التنور فلا يسمى مصليا (آنية) متناهية في الحر كقوله - وبين حميم آن -. الضريع: يبيس الشبرق، وهو جنس من الشوك ترعاه الإبل ما دام رطبا، فإذ يبس تحامته الإبل وهو سم قاتل، قال أبو ذؤيب:
رعى الشبرق الريان حتى إذا ذوي * وعاد ضريعا بان عنه النحائص وقال:
وحبسن في هزم الضريع فكلها * حدباء دامية اليدين حرود فإن قلت: كيف قيل (ليس لهم طعام إلا من ضريع) وفى الحاقة - ولا طعام إلا من غسلين -؟ قلت: العذاب ألوان والمعذبون طبقات، فمنهم أكلة الزقوم، ومنهم أكلة الغسلين، ومنهم أكلة الضريع - لكل باب منهم جزء مقسوم - (لا يسمن) مرفوع المحل أو مجروره على وصف طعام أو ضريع: يعنى أن طعامهم من شئ ليس من مطاعم الانس: وإنما هو شوك، والشوك مما ترعاه الإبل وتتولع به، وهذا نوع منه تنفر عنه ولا تقربه، ومنفعتا الغذاء منتفيتان عنه وهما إماطة الجوع وإفادة القوة والسمن في البدن، أو أريد أن لا طعام لهم أصلا لان الضريع ليس بطعام للبهائم فضلا عن الانس، لان العظام ما أشبع أو أسمن وهو منهما بمعزل كما تقول: ليس لفلان ظل إلا الشمس، تريد نفى الظل على التوكيد. وقيل قالت كفار قريش: إن الضريع لتسمن عليه إبلنا، فنزلت