الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٤ - الصفحة ٢٤٩
سورة الفجر مكية. هي تسع وعشرون آية بسم الله الرحمن الرحيم والفجر وليال عشر. والشفع والوتر. والليل إذا يسر. هل في ذلك قسم الذي حجر.
____________________
سورة الفجر مكية. وهى تسع وعشرون آية (بسم الله الرحمن الرحيم) أقسم بالفجر كما أقسم بالصبح في قوله - والصبح إذا أسفر - والصبح إذا تنفس - وقيل بصلاة الفجر. وأراد بالليالي العشر: عشر ذي الحجة. فإن قلت: فما بالها منكرة من بين ما أقسم به؟ قلت: لأنها ليال مخصوصة من بين جنس الليالي العشر بعض منها أو مخصوصة بفضيلة ليست لغيرها. فإن قلت: فهلا عرفت بلام العهد لأنها ليال معلومة معهودة؟ قلت: لو فعل ذلك لم تستقل بمعنى الفضيلة الذي في التنكير، ولان الأحسن أن تكون اللامات متجانسة ليكون الكلام أبعد من الألغاز والتعمية. وبالشفع والوتر: إما الأشياء كلها شفعها ووترها، وإما شفع هذه الليالي ووترها. ويجوز أن يكون شفعها يوم النحر ووترها يوم عرفة لأنه تاسع أيامها وذاك عاشرها.
وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فسرهما بذلك، وقد أكثروا في الشفع والوتر حتى كادوا يستوعبون أجناس ما يقعان فيه وذلك قليل الطائل جدير بالتلهي عنه. وبعد ما أقسم بالليالي المخصوصة أقسم بالليل على العموم (إذا يسر) إذا يمضى كقوله - والليل إذا أدبر - والليل إذا عسعس - وقرئ والوتر بفتح الواو وهما لغتان كالحبر والحبر في العدد وفى الترة الكسر وحده. وقرئ الوتر بفتح الواو وكسر التاء رواها يونس عن أبي عمرو. وقرئ والفجر والوتر ويسر بالتنوين وهو التنوين الذي يقع بدلا من حرف الاطلاق، وعن ابن عباس: وليال عشر بالإضافة، يريد وليال أيام عشر، وياء يسر تحذف في الدرج اكتفاء عنها بالكسرة وأما في الوقف فتحذف مع الكسرة. وقيل معنى يسرى: يسرى فيه (هل في ذلك) أي فيما أقسمت به من هذه الأشياء (قسم) أي مقسم به (لذي حجر) يريد هل يحق عنده أن تعظم بالاقسام بها، أو هل في إقسامي بها إقسام لذي حجر: أي هل هو قسم عظيم يؤكد بمثله المقسم عليه. والحجر: العقل لأنه يحجر عن التهافت فيما لا ينبغي، كما سمى عقلا ونهية لأنه يعقل وينهى، وحصاة من الاحصاء وهو الضبط. وقال الفراء: يقال إنه لذو حجر إذا كان قاهرا لنفسه ضابطا لها،
(٢٤٩)
مفاتيح البحث: سورة الفجر (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 244 245 246 247 248 249 250 251 252 253 254 ... » »»