الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٤ - الصفحة ٢٤٢
ولا ناصر. والسماء ذات الرجع. والأرض ذات الصدع. إنه لقول فصل. وما هو بالهزل. إنهم يكيدون كيدا. وأكيد كيدا. فمهل الكافرين أمهلهم رويدا.
سورة سبح مكية. وهى تسع عشرة آية بسم الله الرحمن الرحيم سبح اسم ربك الاعلى.
____________________
تسمية بمصدري رجع وآب، وذلك أن العرب كانوا يزعمون أن السحاب يحمل الماء من بحار الأرض ثم يرجعه إلى الأرض، أو أرادوا التفاؤل فسموه رجعا وأوبا ليرجع ويئوب. وقيل لان الله يرجعه وقتا فوقتا، قالت الخنساء * كالرجع في المدجنة السارية * والصدق: ما يتصدع عنه الأرض من النبات (إنه) الضمير للقرآن (فصل) فاصل بين الحق والباطل كما قيل له فرقان (وما هو بالهزل) يعنى أنه جد كله لا هوادة فيه ومن حقه، وقد وصفه الله بذلك أن يكون مهيبا في الصدور معظما في القلوب يترفع به قارئه وسامعه أن يلم بهزل أو يتفكه بمزاح وأن يلقى ذهنه إلى أن جبار السماوات يخاطبه فيأمره وينهاه ويعده ويوعده حتى إن لم يستقزه الخوف ولم تتبالغ فيه الخشية، فأدنى أمره أن يكون جادا غير هازل، فقد نعى الله ذلك على المشركين في قوله - وتضحكون ولا تبكون وأنتم سامدون - والغوا فيه - (إنهم) يعنى أهل مكة يعملون المكايد في إبطال أمر الله وإطفاء نور الحق، وأنا أقابلهم بكيدي من استدراجي لهم وانتظاري بهم الميقات الذي وقته للانتصار منهم (فمهل الكافرين) يعنى لا تدع بهلاكهم ولا تستعجل به (أمهلهم رويدا) أي إمهالا يسيرا، وكرر وخالف بين اللفظين لزيادة التسكين منه والتصبير. عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " من قرأ سورة الطارق أعطاه الله بعدد كل نجم في السماء عشر حسنات ".
سورة سبح اسم ربك الاعلى مكية. وهى تسع عشرة آية (بسم الله الرحمن الرحيم) تسبيح اسمه عزو علا: تنزيهه عما لا يصح فيه من المعاني التي هي إلحاد في أسمائه كالجبر والتشبيه ونحو ذلك، مثل أن يفسر الاعلى بمعنى العلو الذي هو القهر، الاقتدار لا بمعنى العلو في المكان والاستواء على العرش حقيقة،
(٢٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 237 238 239 240 241 242 243 244 245 246 247 ... » »»