الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٤ - الصفحة ١٩٣
التراقي. وقيل من راق. وظن أنه الفراق. والتفت الساق بالساق. إلى ربك يومئذ المساق. فلا صدق ولا صلى. ولكن كذب وتولى. ثم ذهب إلى أهله يتمطى.
أولى لك فأولى. ثم أولى لك فأولى، أيحسب الانسان أن يترك سدى ألم يك نطفة من منى تمنى. ثم كان علقة فخلق فسوى فجعل منه الزوجين الذكر والأنثى.
أليس ذلك بقادر على أن يحيى الموتى.
____________________
وتقول العرب: أرسلت يريدون جاء المطر ولا تكاد تسمعهم يذكرون السماء (التراقي) العظام المكتنفة لثغرة النحر عن يمين وشمال، ذكرهم صعوبة الموت الذي هو أول مراحل الآخرة حين تبلغ الروح التراقي ودنا زهوقها وقال حاضر وصاحبها وهو المختصر بعضهم لبعض (من راق) أيكم يرقيه مما به، وقيل هو من كلام ملائكة الموت أيكم يرقى بروحه ملائكة الرحمة أم ملائكة العذاب؟ (وظن) المحتضر (أنه الفراق) أي هذا الذي نزل به هو فراق الدنيا المحبوبة (والتفت) ساقه بساقه والتوت عليها عند علز الموت. وعن قتادة: ماتت رجلاه فلا تحملانه وقد كان عليهما جوالا. وقيل شدة فراق الدنيا بشدة إقبال الآخرة على أن الساق مثل في الشدة. وعن سعيد بن المسيب: هما ساقاه حين تلفان في أكفانه (المساق) أي يساق إلى الله وإلى حكمه (فلا صدق ولا صلى) يعنى الانسان في قوله - أيحسب الانسان أن لن نجمع عظامه - ألا ترى إلى قوله - أيحسب الانسان أن يترك سدى - وهو معطوف على - يسأل أيان يوم القيامة - أي لا يؤمن بالبعث فلا صدق بالرسول والقرآن ولا صلى. ويجوز أن يراد فلا صدق ماله بمعنى فلا زكاة. وقيل نزلت في أبى جهل. (يتمطى) يتبختر وأصله يتمطط: أي يتمدد لان المتبختر يمد خطاه. وقيل هو من المطا وهو الظهر لأنه يلويه، وفى الحديث (إذا مشت أمتي المطيطاء وخدمتهم فارس والروم فقد جعل بأسهم بينهم) يعنى كذب برسول الله صلى الله عليه وسلم وتولى عنه وأعرض ثم ذهب إلى قومه يتبختر افتخارا بذلك (أولى لك) بمعنى ويل لك، وهو دعاء عليه بأن يليه ما يكره (فخلق) فقد (فسوى) فعدل (منه) من الانسان (الزوجين) الصنفين (أليس ذلك) الذي أنشأ هذا الانشاء (بقادر) على الإعادة، وروى (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأها قال: سبحانك بلى). عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (من قرأ سورة القيامة شهدت له أنا وجبريل يوم القيامة أنه كان مؤمنا بيوم القيامة).
(١٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 ... » »»