الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٤ - الصفحة ١٧١
قال إنما ادعوا ربى ولا أشرك به أحدا. قل إني لا أملك لكم ضرا ولا رشدا. قل إني لن يجيرني من الله أحد ولن أجد من دونه ملتحدا. إلا بلاغا من الله ورسالاته
____________________
في معنى اللبدة، ولبدا جمع لابد كساجد وسجد، ولبدا بضمتين جمع لبود كصبور وصبر. وعن قتادة: تلبدت الإنس والجن على هذا الامر ليطفئوه فأبى الله إلا أن ينصره ويظهره على من ناوأه. ومن قرأ وإنه بالكسر جعله من كلام الجن قالوه لقومهم حنى رجعوا إليهم حاكين ما رأوا من صلاته وازدحام أصحابه عليه في ائتمامهم به (قال) للمتظاهرين عليه (إنما ادعوا ربى) يريد ما أتيتكم بأمر منكر إنما أعبد ربى وحده (ولا أشرك به أحدا) وليس ذاك مما يوجب إطباقكم على مقتي وعداوتي، أو قال للجن عند ازدحامهم متعجبين: ليس ما ترون من عبادتي الله ورفضي الاشراك به بأمر يتعجب منه، إنما يتعجب ممن يدعو غير الله ويجعل له شريكا، أو قال الجن لقومهم ذلك حكاية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (ولا رشدا) ولا نفعا، أو أراد بالضر الغى، ويدل عليه قراءة أبى غيا ولا رشدا، والمعنى: لا أستطيع أن أضركم وأن أنفعكم إنا الضار والنافع الله، أو لا أستطيع أن أقسركم على الغى والرشد إنما القادر على ذلك الله عز وجل. و (إلا بلاغا) استثناء منه: أي لا أملك إلا بلاغا من الله، وقل إني لن يجيرني جملة معترضة اعترض بها لتأكيد نفى الاستطاعة عن نفسه وبيان عجزه، على معنى: أن الله إن أراد به سوءا من مرض أو موت أو غيرهما لم يصح أن يجيره منه أحد أو يجد من دونه ملاذا يأوى إليه. والملتحد:
الملتجأ وأصله المدخل من اللحد، وقيل محيصا ومعدلا. وقرئ قال لا أملك: أي قال عبد الله للمشركين أو للجن. ويجوز أن يكون من حكاية الجن لقومهم، وقيل بلاغا بدل من ملتحدا: أي لن أجد من دونه منجى إلا أن أبلغ عنه ما أرسلني به. وقيل إلا هي أن لا، ومعناه: أن لا أبلغ بلاغا كقولك إن لا قياما فقعودا (ورسالاته) عطف على بلاغا كأنه قيل لا أملك لكم إلا التبليغ والرسالات، والمعنى: إلا أن أبلغ عن الله فأقول قال الله كذا ناسبا
(١٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 166 167 168 169 170 171 172 173 175 176 177 ... » »»