ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون. أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون أو أمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحى وهم يلعبون. أفأمنوا مكر الله
____________________
والسيئات - (حتى عفوا) كثروا ونموا في أنفسهم وأموالهم من قولهم عفا النبات وعفا الشحم والوبر: إذا كثرت، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم " وأعفوا اللحى " وقال الحطيئة: * بمستأسد القربان عاف نباته * وقال: ولكما نعض السيف منها * بأسوق عافيات الشحم كوم (قالوا قد مس آباءنا الضراء والسراء) يعني وأبطرتهم النعمة وأشروا فقالوا: هذه عادة الدهر يعاقب في الناس بين الضراء والسراء، وقد مس آباءنا نحو ذلك وما هو بابتلاء من الله لعباده، فلم يبق بعد ابتلائهم بالسيئات والحسنات إلا أن نأخذهم بالعذاب (فأخذناهم) أشد الأخذ وأفظعه وهو أخذهم فجأة من غير شعور منهم. اللام في القرى إشارة إلى القرى التي دل عليها قوله - وما أرسلنا في قرية من نبي - كأنه قال: ولو أن أهل تلك القرى الذين كذبوا وأهلكوا (آمنوا) بدل كفرهم (واتقوا) المعاصي مكان ارتكابها (لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض) لآتيناهم بالخير من كل وجه، وقيل أراد المطر والنبات (ولكن كذبوا فأخذناهم) بسوء كسبهم ويجوز أن تكون اللام القرى للجنس. فإن قلت: ما معنى فتح البركات عليهم. قلت: تيسيرها عليهم كما ييسر أمر الأبواب المستغلقة بفتحها، ومنه قولهم: فتحت على القارئ إذا تعذرت عليه القراءة فيسرتها عليه بالتلقين.
البيات يكون بمعنى البيتوتة، يقال بات بياتا ومنه قوله تعالى - فجاءها بأسنا بياتا أو هم قائلون - وقد يكون بمعنى التبييت كالسلام بمعنى التسليم، يقال بيته العدو بياتا، فيجوز أن يراد أن يأتيهم بأسنا بائتين أو وقت بيات أو مبيتا أو مبيتين أو يكون بمعنى تبييتا كأنه قيل: أن يبيتهم بأسنا بياتا، و (ضحى) نصب على الظرف، يقال أتانا ضحى وضحيا وضحاء، والضحى في الأصل اسم لضوء الشمس إذا أشرقت وارتفعت. والفاء والواو في أفأمن وأوأمن حرفا عطف دخلت عليهما همزة الإنكار. فإن قلت: ما المعطوف عليه ولم عطفت الأولى بالفاء والثانية بالواو؟ قلت: المعطوف عليه قوله - فأخذناهم بغتة - وقوله - ولو أن أهل القرى، إلى: يكسبون - وقع اعتراضا بين المعطوف والمعطوف عليه، وإنما عطف بالفاء لأن المعنى فعلوا وصنعوا فأخذناهم بغتة، أبعد ذلك أمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا وأمنوا أن يأتيهم بأسنا ضحى. وقرئ أو أمن على العطف بأو (وهم يلعبون) يشتغلون بما لا يجدي عليهم كأنهم يلعبون. فإن قلت: فلم رجع فعطف بالفاء قوله (أفأمنوا مكر الله)؟ قلت: هو تكرير لقوله - أفأمن أهل القرى - ومكر الله استعارة لأخذه العبد من حيث لا يشعر ولاستدراجه، فعلى العاقل أن يكون في خوفه من مكر الله كالمحارب الذي يخاف من عدوه الكمين والبيات والغيلة. وعن الربيع بن خثيم أن ابنته قالت له: ما لي أرى الناس ينامون ولا أراك تنام؟ فقال: يا بنتاه إن أباك يخاف البيات، أراد قوله - أن يأتيهم بأسنا بياتا - إذا قرئ أو لم يهد بالياء كان أن لو نشاء مرفوعا بأنه فاعله بمعنى: أو لم يهد للذين يخلفون من خلا قبلهم
البيات يكون بمعنى البيتوتة، يقال بات بياتا ومنه قوله تعالى - فجاءها بأسنا بياتا أو هم قائلون - وقد يكون بمعنى التبييت كالسلام بمعنى التسليم، يقال بيته العدو بياتا، فيجوز أن يراد أن يأتيهم بأسنا بائتين أو وقت بيات أو مبيتا أو مبيتين أو يكون بمعنى تبييتا كأنه قيل: أن يبيتهم بأسنا بياتا، و (ضحى) نصب على الظرف، يقال أتانا ضحى وضحيا وضحاء، والضحى في الأصل اسم لضوء الشمس إذا أشرقت وارتفعت. والفاء والواو في أفأمن وأوأمن حرفا عطف دخلت عليهما همزة الإنكار. فإن قلت: ما المعطوف عليه ولم عطفت الأولى بالفاء والثانية بالواو؟ قلت: المعطوف عليه قوله - فأخذناهم بغتة - وقوله - ولو أن أهل القرى، إلى: يكسبون - وقع اعتراضا بين المعطوف والمعطوف عليه، وإنما عطف بالفاء لأن المعنى فعلوا وصنعوا فأخذناهم بغتة، أبعد ذلك أمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا وأمنوا أن يأتيهم بأسنا ضحى. وقرئ أو أمن على العطف بأو (وهم يلعبون) يشتغلون بما لا يجدي عليهم كأنهم يلعبون. فإن قلت: فلم رجع فعطف بالفاء قوله (أفأمنوا مكر الله)؟ قلت: هو تكرير لقوله - أفأمن أهل القرى - ومكر الله استعارة لأخذه العبد من حيث لا يشعر ولاستدراجه، فعلى العاقل أن يكون في خوفه من مكر الله كالمحارب الذي يخاف من عدوه الكمين والبيات والغيلة. وعن الربيع بن خثيم أن ابنته قالت له: ما لي أرى الناس ينامون ولا أراك تنام؟ فقال: يا بنتاه إن أباك يخاف البيات، أراد قوله - أن يأتيهم بأسنا بياتا - إذا قرئ أو لم يهد بالياء كان أن لو نشاء مرفوعا بأنه فاعله بمعنى: أو لم يهد للذين يخلفون من خلا قبلهم