الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٢ - الصفحة ١٠١
فأرسل معي بني إسرائيل. قال إن كنت جئت بآية فأت بها إن كنت من الصادقين.
فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين. نزع يده فإذا هي بيضاء
____________________
وتشقى الضياطرة بالرماح وحقيق علي أن لا أقول وهي قراءة نافع. والثاني أن ما لزمك فقد لزمته، فلما كان قول الحق حقيقا عليه كان هو حقيقا على قول الحق: أي لازما له. والثالث أن يضمن حقيق معنى حريص كما ضمن هيجني معنى ذكرني في بيت الكتاب. والرابع وهو الأوجه الأدخل في نكت القرآن أن يغرق موسى في وصف نفسه بالصدق في ذلك المقام، لا سيما وقد روى أن عدو الله فرعون قال له لما قال إني رسول من رب العالمين:
كذبت، فيقول أنا حقيق على قول الحق: أي واجب علي قول الحق أن أكون أنا قائله والقائم به، ولا يرضى إلا بمثلي ناطقا به (فأرسل معي بني إسرائيل) فخلهم حتى يذهبوا معي راجعين إلى الأرض المقدسة التي هي وطنهم ومولد آبائهم. وذلك أن يوسف عليه السلام لما توفي وانقرضت الأسباط غلب فرعون نسلهم واستعبدهم، فأنقذهم الله بموسى عليه السلام، وكان بين اليوم الذي دخل يوسف مصر واليوم الذي دخله موسى أربعمائة عام.
فإن قلت: كيف قال له: (فأت بها) بعد قوله - إن كنت جئت بآية -؟ قلت: معناه إن كنت جئت من عند من أرسلك بآية فأتني بها وأحضرها عندي لتصح دعواك ويثبت صدقك (ثعبان مبين) ظاهر أمره لا يشك في أنه ثعبان.
وروى أنه كان ثعبانا ذكرا أشعر فاغرا فاه بين لحييه ثمانون ذراعا، وضع لحيه الأسفل في الأرض ولحيه الأعلى على سور القصر، ثم توجه نحو فرعون ليأخذه، فوثب فرعون من سريره وهرب وأحدث ولم يكن أحدث قبل ذلك وهرب الناس وصاحوا، وحمل على الناس انهزموا فمات منهم خمسة وعشرون ألفا قتل بعضهم بعضا، ودخل فرعون البيت وصاح: يا موسى خذه وأنا أؤمن بك وأرسل معك بني إسرائيل، فأخذه موسى فعاد عصا. فإن
(١٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 ... » »»