فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين. الذين كذبوا شعيبا كأن لم يغنوا فيها، الذين كذبوا شعيبا كانوا هم الخاسرين. فتولى عنهم وقال يا قوم لقد أبلغتكم رسالات ربي ونصحت لكم فكيف آسي على قوم كافرين؟ وما أرسلنا في قرية من نبي إلا أخذنا أهلها بالبأساء والضراء لعلهم يضرعون وثم بدلنا مكان السيئة الحسنة
____________________
كقوله - وهو خير الحاكمين. فإن قلت: كيف أسلوب قوله قد افترينا على الله كذبا إن عدنا في ملتكم؟
قلت: هو إخبار مقيد بالشرط. وفيه وجهان: أحدهما أن يكون كلاما مستأنفا فيه معنى التعجب كأنهم قالوا:
ما أكذبنا على الله إن عدنا في الكفر بعد الاسلام، لأن المترد أبلغ في الإفتراء من الكافر، لأن الكافر مفتر على الله الكذب حيث يزعم أن لله ندا ولا ند له، والمرتد مثله في ذلك وزائد عليه حيث يزعم أنه تبين له ما خفي عليه من التمييز بين الحق والباطل. والثاني أن يكون قسما على تقدير حذف اللام بمعنى: والله لقد افترينا على الله كذبا (وقال الملأ الذين كفروا من قومه) أي أشرافهم للذين دونهم يثبطونهم عن الإيمان (لئن اتبعتم شعيبا إنكم إذا لخاسرون) لاستبدالكم الضلالة بالهدى كقوله تعالى - أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم - وقيل تخسرون باتباعه فوائد البخس والتطفيف لأنه ينهاكم عنهما ويحملكم على الإيفاء والتسوية. فإن قلت:
ما جواب القسم الذي وطأته اللام في: لئن اتبعتم شعيبا وجواب الشرط. قلت: قوله - إنكم إذا لخاسرون - ساد مسد الجوابين (الذين كذبوا شعيبا) مبتدأ خبره (كان لم يغنوا فيها) وكذلك (كانوا هم الخاسرين) وفي هذا الابتداء معنى الإختصاص كأنه قيل: الذين كذبوا شعيبا هم المخصوصون بأن أهلكوا واستؤصلوا كأن لم يقيموا في دارهم، لأن الذين اتبعوا شعيبا قد أنجاهم الله، الذين كذبوا شعيبا هم المخصوصون بالخسران العظيم دون أتباعه فإنهم الرابحون، وفي هذا الاستئناف والابتداء وهذا التكرير مبالغة في رد مقالة الملأ لأشياعهم وتسفيه لرأيهم واستهزاء بنصحهم لقومهم لما جرى عليهم. الأسى: شدة الحزن، قال العجاج * وانحلبت عيناه من فرط الأسى * اشتد حزنه على قومه ثم أنكر على نفسه فقال: فكيف يشتد حزني على قوم ليسوا بأهل للحزن عليهم لكفرهم واستحقاقهم ما نزل بهم، ويجوز أن يريد لقد أعذرت إليكم في الإبلاغ والنصيحة والتحذير مما حل بكم فلم تسمعوا قولي ولم تصدقوني فكيف آسى عليكم؟ يعني أنه لا يأسى عليهم لأنهم ليسوا أحقاء بالأسى. وقرأ يحيى بن وثاب فكيف إيسى بكسر الهمزة (إلا أخذنا أهلها بالبأساء) بالبؤس والفقر (والضراء بالضر والمرض لاستكبارهم عن اتباع نبيهم وتعززهم عليه (لعلهم يضرعون) ليتضرعوا ويتذللوا ويحطوا أردية الكبر والعزة (ثم بدلنا مكان السيئة الحسنة) أي أعطيناهم بدل ما كانوا فيه من البلاء والمحنة الرخاء والصحة والسعة كقوله - وبلوناهم بالحسنات
قلت: هو إخبار مقيد بالشرط. وفيه وجهان: أحدهما أن يكون كلاما مستأنفا فيه معنى التعجب كأنهم قالوا:
ما أكذبنا على الله إن عدنا في الكفر بعد الاسلام، لأن المترد أبلغ في الإفتراء من الكافر، لأن الكافر مفتر على الله الكذب حيث يزعم أن لله ندا ولا ند له، والمرتد مثله في ذلك وزائد عليه حيث يزعم أنه تبين له ما خفي عليه من التمييز بين الحق والباطل. والثاني أن يكون قسما على تقدير حذف اللام بمعنى: والله لقد افترينا على الله كذبا (وقال الملأ الذين كفروا من قومه) أي أشرافهم للذين دونهم يثبطونهم عن الإيمان (لئن اتبعتم شعيبا إنكم إذا لخاسرون) لاستبدالكم الضلالة بالهدى كقوله تعالى - أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم - وقيل تخسرون باتباعه فوائد البخس والتطفيف لأنه ينهاكم عنهما ويحملكم على الإيفاء والتسوية. فإن قلت:
ما جواب القسم الذي وطأته اللام في: لئن اتبعتم شعيبا وجواب الشرط. قلت: قوله - إنكم إذا لخاسرون - ساد مسد الجوابين (الذين كذبوا شعيبا) مبتدأ خبره (كان لم يغنوا فيها) وكذلك (كانوا هم الخاسرين) وفي هذا الابتداء معنى الإختصاص كأنه قيل: الذين كذبوا شعيبا هم المخصوصون بأن أهلكوا واستؤصلوا كأن لم يقيموا في دارهم، لأن الذين اتبعوا شعيبا قد أنجاهم الله، الذين كذبوا شعيبا هم المخصوصون بالخسران العظيم دون أتباعه فإنهم الرابحون، وفي هذا الاستئناف والابتداء وهذا التكرير مبالغة في رد مقالة الملأ لأشياعهم وتسفيه لرأيهم واستهزاء بنصحهم لقومهم لما جرى عليهم. الأسى: شدة الحزن، قال العجاج * وانحلبت عيناه من فرط الأسى * اشتد حزنه على قومه ثم أنكر على نفسه فقال: فكيف يشتد حزني على قوم ليسوا بأهل للحزن عليهم لكفرهم واستحقاقهم ما نزل بهم، ويجوز أن يريد لقد أعذرت إليكم في الإبلاغ والنصيحة والتحذير مما حل بكم فلم تسمعوا قولي ولم تصدقوني فكيف آسى عليكم؟ يعني أنه لا يأسى عليهم لأنهم ليسوا أحقاء بالأسى. وقرأ يحيى بن وثاب فكيف إيسى بكسر الهمزة (إلا أخذنا أهلها بالبأساء) بالبؤس والفقر (والضراء بالضر والمرض لاستكبارهم عن اتباع نبيهم وتعززهم عليه (لعلهم يضرعون) ليتضرعوا ويتذللوا ويحطوا أردية الكبر والعزة (ثم بدلنا مكان السيئة الحسنة) أي أعطيناهم بدل ما كانوا فيه من البلاء والمحنة الرخاء والصحة والسعة كقوله - وبلوناهم بالحسنات