الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٢ - الصفحة ١٠٠
فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل كذلك يطبع الله على قلوب الكافرين. وما وجدنا لأكثرهم من عهد وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين. ثم بعثنا من بعدهم موسى بآياتنا إلى فرعون وملأه فظلموا بها فانظر كيف كان عاقبة المفسدين.
وقال موسى يا فرعون إني رسول من رب العالمين. حقيق على أن لا أقول على الله إلا الحق، قد جئتكم ببينة من ربكم
____________________
نقص عليك بعض أنبائها ولها أنباء غيرها لم نقصها عليك (فما كانوا ليؤمنوا) عند مجئ الرسل بالبينات بما كذبوه من آيات الله من قبل مجئ الرسل، أو فما كانوا ليؤمنوا إلى آخر أعمارهم بما كذبوا به أولا حين جاءتهم الرسل:
أي استمروا على التكذيب من لدن مجئ الرسل إليهم إلى أن ماتوا مصرين لا يرعون ولا تلين شكيمتهم في كفرهم وعنادهم مع تكرر المواعظ عليهم وتتابع الآيات، ومعنى اللام تأكيد النفي وأن الإيمان كان منافيا لحالهم في التصميم على الكفر، وعن مجاهد هو كقوله - ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه - (كذلك) مثل ذلك الطبع الشديد نطبع على قلوب الكافرين (وما وجدنا لأكثرهم من عهد) الضمير للناس على الإطلاق: أي وما وجدنا لأكثر الناس من عهد. يعني أن أكثرهم نقض عهد الله وميثاقه في الإيمان والتقوى (وإن وجدنا) وإن الشأن والحديث وجدنا أكثرهم فاسقين خارجين عن الطاعة مارقين، والآية اعتراض، ويجوز أن يرجع الضمير إلى الأمم المذكورين وأنهم كانوا إذا عاهدوا الله في ضر ومخافة لئن أنجيتنا لنؤمنن ثم نجاهم نكثوا، كما قال قوم فرعون لموسى عليه السلام - لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك، إلى قوله: إذا هم ينكثون " والوجود بمعنى العلم من قولك وجدت زيدا ذا الحفاظ، بدليل دخول إن المخففة واللام الفارقة، ولا يسوغ ذلك إلا في المبتدأ والخبر والأفعال الداخلة عليهما (من بعدهم) الضمير للرسل في قوله - ولقد جاءتهم رسلهم - أو للأمم (فظلموا بها) فكفروا بآياتنا أجرى الظلم مجرى الكفر لأنهما من واد واحد - إن الشرك لظلم عظيم - أو فظلموا الناس بسببها حين أو عدوهم وصدوهم عنها وآذوا من آمن بها، ولأنه إذا وجب الإيمان بها فكفروا بدل الإيمان كان كفرهم بها ظلما فلذلك قيل فظلموا بها:
أي كفروا بها واضعين الكفر غير موضعه وهو موضع الإيمان. يقال لملوك مصر الفراعنة كما يقال لملوك فارس الأكاسرة، فكأنه قال: يا ملك مصر وكان اسمه قابوس، وقيل الوليد بن مصعب بن الريان (حقيق على أن لا أقول على الله إلا الحق) فيه أربع قراآت، المشهورة: وحقيق علي أن لا أقول: وهي قراءة نافع، وحقيق أن لا أقول وهي قراءة عبد الله، وحقيق بأن لا أقول وهي قراءة أبي، وفي المشهورة إشكال ولا تخلو من وجوه:
أحدها أن تكون مما يقلب من الكلام لأمن الإلباس كقوله: * وتشقى الرماح بالضياطرة الحمر * ومعناه:
(١٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 ... » »»