الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٢ - الصفحة ١٠٩
إلى أجل هم بالغوه إذا هم ينكثون. فانتقمنا منهم فأغرقناهم في اليم بأنهم كذبوا بآياتنا وكانوا عنها غافلين وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا
____________________
أحدهما أسعفنا إلى ما نطلب إليك من الدعاء لنا بحق ما عندك من عهد الله وكرامته بالنبوة، أو ادع لنا متوسلا إليه بعهده عندك، وإما أن يكون قسما مجابا بلنؤمنن: أي أقسمنا بعهد الله عندك لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك (إلى أجل هم بالغوه) إلى حد من الزمان هم بالغوه لا محالة، فمعذبون فيه لا ينفعهم ما تقدم لهم من الإمهال وكشف العذاب إلى حلوله (إذا هم ينكثون) جوابا لما: يعني فلما كشفناه عنهم فاجئوا النكث وبادروا لم يؤخروه، ولكن كما كشف عنهم نكثوا (فانتقمنا منهم) فأردنا الانتقام منهم (فأغرقناهم) واليم: البحر الذي لا يدرك قعره.
وقيل هو لجة البحر ومعظم مائه واشتقاقه من التيمم لأن المستنفعين به يقصدونه (بأنهم كذبوا بآياتنا) أي كان إغراقهم بسبب تكذيبهم بالآيات وغفلتهم عنها وقلة فكرهم فيها (القوم الذين كانوا يستضعفون) هم بنو إسرائيل كان يستضعفهم فرعون وقومه. والأرض أرض مصر والشأم، ملكها بنو إسرائيل بعد الفراعنة والعمالقة وتصرفوا كيف شاءوا في أطرافها ونواحيها الشرقية والغربية (باركنا فيها) بالخصب وسعة الأرزاق (كلمت ربك الحسنى) قوله - ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض - إلى قوله - ما كانوا يحذرون - والحسنى تأنيث الأحسن صفة للكلمة، ومعنى تمت على بني إسرائيل: مضت عليهم واستمرت، من قولك تم على الأمر إذا مضى عليه (بما صبروا) بسبب صبرهم وحسبك به حاثا على الصبر ودالا على أن من قابل البلاء بالجزع وكله الله إليه، ومن
(١٠٩)
مفاتيح البحث: الصبر (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 ... » »»