يأتوك بكل ساحر عليم. وجاء السحرة فرعون قالوا إن لنا لأجرا إن كنا نحن الغالبين. قال نعم وإنكم لمن المقربين. قالوا يا موسى إما أن تلقي
____________________
قلت:: بم يتعلق (للناظرين)؟ قلت: يتعلق ببيضاء، والمعنى: فإذا هي بيضاء للنظارة، ولا تكون بيضاء للنظارة إلا إذا كان بياضها بياضا عجيبا خارجا عن العادة يجتمع الناس للنظر إليه كما تجتمع النظارة للعجائب.
وذلك ما يروى أنه أرى فرعون يده وقال ما هذه؟ قال يدك، ثم أدخلها جيبه وعليه مدرعة صوف ونزعها فإذا هي بيضاء بياضا نورانيا غلب شعاعها شعاع الشمس، وكان موسى عليه السلام آدم شديد الأدمة (إن هذا لساحر عليم) أي عالم بالسحر ماهر فيه قد أخذ عيون الناس بخدعة من خدعه حتى خيل إليهم العصا حية والآدم أبيض.
فإن قلت: قد عزى هذا الكلام إلى فرعون في سورة الشعراء وأنه قال للملأ وعزى ههنا إليهم. قلت: قد قاله هو وقالوه هم فحكى قوله ثم وقولهم ههنا، أو قاله ابتداء فتلقنه منه الملأ فقالوه لأعقابهم، أو قالوه عنه للناس على طريق التبليغ كما يفعل الملوك يرى الواحد منهم الرأي فيكلم به من يليه من الخاصة ثم تبلغه الخاصة العامة، والدليل عليه أنهم أجابوه في قولهم (أرجه وأخاه وأرسل في المدائن حاشرين. يأتوك بكل ساحر عليم) وقرئ سحار:
أي يأتوك بكل ساحر مثله في العلم والمهارة أو بخير منه وكانت هذه مؤامرة مع القبط. وقولهم فماذا تأمرون من أمرته فأمرني بكذا إذا شاورته فأشار عليك برأي، وقيل فماذا تأمرون من كلام فرعون؟ قال الملأ لما قالوا له إن هذا لساحر عليم يريد أن يخرجكم، كأنه قيل: قال فماذا تأمرون؟ قالوا أرجئه وأخاه. معنى أرجئه وأخاه:
أخرهما وأصدرهما عنك حتى ترى رأيك فيهما وتدبر أمرهما، وقيل احبسوهما. وقرئ أرجئه بالهمزة وأرجه من أرجأه وأرجاه. فإن قلت: هلا قيل وجاء السحرة فرعون فقالوا؟ قلت: هو على تقدير سائل سأل ما قالوا إذ جاءوه فأجيب بقوله (قالوا أئن لنا لأجرا) أي جعلا على الغلبة. وقرئ إن لنا لأجرا على الإخبار وإثبات الأجر العظيم وإيجابه كأنهم قالوا لا بد لنا من أجر، والتنكير للتعظيم كقول العرب: إن له لإبلا وإن له لغنما يقصدون الكثرة. فإن قلت (وإنكم لمن المقربين) ما الذي عطف عليه؟ قلت: هو معطوف على محذوف سد مسده حرف الإيجاب كأنه قال إيجابا لقولهم: إن لنا لأجرا، نعم إن لكم لأجرا وإنكم لمن المقربين، أراد إني لا أقتصر بكم على الثواب وحده، وإن لكم مع الثواب ما يقل معه الثواب وهو التقريب والتعظيم، لأن المثاب إنما يتهنأ بما يصل إليه ويغتبط به إذا نال معه الكرامة والرفعة. وروى أنه قال لهم: تكونون أول من يدخل وآخر من يخرج. وروى أنه دعا برؤساء السحرة ومعلميهم فقال له ما صنعتم؟ قالوا قد عملنا سحرا لا يطيقه أهل الأرض إلا أن يكون أمرا من السماء فإنه لا طاقة لنا به. وروى أنهم كانوا ثمانين ألفا، وقيل سبعين ألفا، وقيل بضعة وثلاثين ألفا، واختلفت الروايات فمن مقل ومن مكثر، وقيل كان يعلمهم مجوسيان من أهل نينوى، وقيل قال فرعون لا نغالب موسى إلا بما هو منه: يعني السحر. تخييرهم إياه أدب وحسن راعوه معه كما يفعل أهل الصناعات إذ
وذلك ما يروى أنه أرى فرعون يده وقال ما هذه؟ قال يدك، ثم أدخلها جيبه وعليه مدرعة صوف ونزعها فإذا هي بيضاء بياضا نورانيا غلب شعاعها شعاع الشمس، وكان موسى عليه السلام آدم شديد الأدمة (إن هذا لساحر عليم) أي عالم بالسحر ماهر فيه قد أخذ عيون الناس بخدعة من خدعه حتى خيل إليهم العصا حية والآدم أبيض.
فإن قلت: قد عزى هذا الكلام إلى فرعون في سورة الشعراء وأنه قال للملأ وعزى ههنا إليهم. قلت: قد قاله هو وقالوه هم فحكى قوله ثم وقولهم ههنا، أو قاله ابتداء فتلقنه منه الملأ فقالوه لأعقابهم، أو قالوه عنه للناس على طريق التبليغ كما يفعل الملوك يرى الواحد منهم الرأي فيكلم به من يليه من الخاصة ثم تبلغه الخاصة العامة، والدليل عليه أنهم أجابوه في قولهم (أرجه وأخاه وأرسل في المدائن حاشرين. يأتوك بكل ساحر عليم) وقرئ سحار:
أي يأتوك بكل ساحر مثله في العلم والمهارة أو بخير منه وكانت هذه مؤامرة مع القبط. وقولهم فماذا تأمرون من أمرته فأمرني بكذا إذا شاورته فأشار عليك برأي، وقيل فماذا تأمرون من كلام فرعون؟ قال الملأ لما قالوا له إن هذا لساحر عليم يريد أن يخرجكم، كأنه قيل: قال فماذا تأمرون؟ قالوا أرجئه وأخاه. معنى أرجئه وأخاه:
أخرهما وأصدرهما عنك حتى ترى رأيك فيهما وتدبر أمرهما، وقيل احبسوهما. وقرئ أرجئه بالهمزة وأرجه من أرجأه وأرجاه. فإن قلت: هلا قيل وجاء السحرة فرعون فقالوا؟ قلت: هو على تقدير سائل سأل ما قالوا إذ جاءوه فأجيب بقوله (قالوا أئن لنا لأجرا) أي جعلا على الغلبة. وقرئ إن لنا لأجرا على الإخبار وإثبات الأجر العظيم وإيجابه كأنهم قالوا لا بد لنا من أجر، والتنكير للتعظيم كقول العرب: إن له لإبلا وإن له لغنما يقصدون الكثرة. فإن قلت (وإنكم لمن المقربين) ما الذي عطف عليه؟ قلت: هو معطوف على محذوف سد مسده حرف الإيجاب كأنه قال إيجابا لقولهم: إن لنا لأجرا، نعم إن لكم لأجرا وإنكم لمن المقربين، أراد إني لا أقتصر بكم على الثواب وحده، وإن لكم مع الثواب ما يقل معه الثواب وهو التقريب والتعظيم، لأن المثاب إنما يتهنأ بما يصل إليه ويغتبط به إذا نال معه الكرامة والرفعة. وروى أنه قال لهم: تكونون أول من يدخل وآخر من يخرج. وروى أنه دعا برؤساء السحرة ومعلميهم فقال له ما صنعتم؟ قالوا قد عملنا سحرا لا يطيقه أهل الأرض إلا أن يكون أمرا من السماء فإنه لا طاقة لنا به. وروى أنهم كانوا ثمانين ألفا، وقيل سبعين ألفا، وقيل بضعة وثلاثين ألفا، واختلفت الروايات فمن مقل ومن مكثر، وقيل كان يعلمهم مجوسيان من أهل نينوى، وقيل قال فرعون لا نغالب موسى إلا بما هو منه: يعني السحر. تخييرهم إياه أدب وحسن راعوه معه كما يفعل أهل الصناعات إذ