____________________
(يا قوم لقد) بذلت فيكم وسعي ولم آل جهدا في إبلاغكم النصيحة لكم (ولكن) كم (لا يحبون الناصحين (ويجوز أن يتولى عنهم تولى ذاهب عنهم منكر لإصرارهم حين رأى العلامات قبل نزول العذاب. وروى أن عقرهم الناقة كان يوم الأربعاء ونزل بهم العذاب يوم السبت. وروى أنه خرج في مائة وعشرة من المسلمين وهو يبكي، فالتفت فرأى الدخان ساطعا فعلم أنهم قد هلكوا، وكانوا ألفا وخمسمائة دار. وروى أنه رجع بمن معه فسكنوا ديارهم. فإن قلت: كيف صح خطاب الموتى وقوله: ولكن لا تحبون الناصحين؟ قلت: قد يقول الرجل لصاحبه وهو ميت وكان قد نصحه حيا فلم يسمع منه حتى يلقى بنفسه في التهلكة: يا أخي كم نصحتك وكم قلت لك فلم تقبل مني.
وقوله ولكن لا تحبون الناصحين حكاية حال ماضية (ولوطا) وأرسلنا لوطا و (إذ) ظرف لأرسلنا أو واذكر لوطا، وإذ بدل منه: بمعنى واذكر وقت (قال لقومه أتأتون الفاحشة) أتفعلون السيئة المتمادية في القبح (ما سبقكم بها) ما عملها قبلكم والباء للتعدية من قولك سبقته بالكرة إذا ضربتها قبله، ومنه قوله عليه الصلاة والسلام " سبقك بها عكاشة " (من أحد من العالمين) من الأولى زائدة لتوكيد النفي وإفادة معنى الاستغراق، والثانية للتبعيض. فإن قلت:
ما موقع هذه الجملة؟ قلت: هي جملة مستأنفة أنكر عليهم أولا بقوله أتأتون الفاحشة، ثم وبخهم عليها فقال:
أنتم أول من عملها، أو على أنه جواب لسؤال مقدر كأنهم قالوا: لم لا نأتيها؟ فقال: ما سبقكم بها أحد فلا تفعلوا ما لم تسبقوا به (أئنكم لتأتون الرجال) بيان لقوله: أتأتون الفاحشة - والهمزة مثلها في أتأتون للإنكار والتعظيم، وقرئ إنكم على الإخبار المستأنف لتأتون الرجال من أتى المرأة إذا غشيها (شهوة) مفعول له: أي للاشتهاء لا حامل لكم عليه إلا مجرد الشهوة من غير داع آخر ولا ذم أعظم منه لأنه وصف لهم بالبهيمة، وأنه لا داعي لهم من جهة العقل البتة كطلب النسل ونحوه أو جال بمعنى مشتهين تابعين للشهوة غير ملتفتين إلى السماجة (بل أنتم قوم مسرفون) أضرب عن الإنكار إلى الإخبار عنهم بالحال التي توجب ارتكاب القبائح وتدعو إلى اتباع الشهوات، وهو أنهم قوم عادتهم الإسراف وتجاوز الحدود في كل شئ، فمن ثم أسرفوا في بعض قضاء الشهوة حتى تجاوزوا المعتاد إلى غير المعتاد ونحوه - بل أنتم قوم عادون - (وما كان جواب قومه إلا أن قالوا) يعني ما أجابوه بما يكون جوابا عما كلمهم به لوط عليه السلام من إنكار الفاحشة وتعظيم أمرها ووسمهم بسمة الإسراف الذي هو أصل الشر كله، ولكنهم جاءوا بشئ آخر لا يتعلق بكلامه ونصيحته من الأمر بإخراجه ومن معه من المؤمنين من قريتهم ضجرا بهم وبما يسمعونهم من وعظمهم ونصحهم، وقولهم (إنهم أناس يتطهرون) سخرية بهم وبتطهرهم من الفواحش وافتخار بما كانوا من القذارة كما يقول الشطار من الفسقة لبعض الصلحاء إذا وعظهم: ابعدوا
وقوله ولكن لا تحبون الناصحين حكاية حال ماضية (ولوطا) وأرسلنا لوطا و (إذ) ظرف لأرسلنا أو واذكر لوطا، وإذ بدل منه: بمعنى واذكر وقت (قال لقومه أتأتون الفاحشة) أتفعلون السيئة المتمادية في القبح (ما سبقكم بها) ما عملها قبلكم والباء للتعدية من قولك سبقته بالكرة إذا ضربتها قبله، ومنه قوله عليه الصلاة والسلام " سبقك بها عكاشة " (من أحد من العالمين) من الأولى زائدة لتوكيد النفي وإفادة معنى الاستغراق، والثانية للتبعيض. فإن قلت:
ما موقع هذه الجملة؟ قلت: هي جملة مستأنفة أنكر عليهم أولا بقوله أتأتون الفاحشة، ثم وبخهم عليها فقال:
أنتم أول من عملها، أو على أنه جواب لسؤال مقدر كأنهم قالوا: لم لا نأتيها؟ فقال: ما سبقكم بها أحد فلا تفعلوا ما لم تسبقوا به (أئنكم لتأتون الرجال) بيان لقوله: أتأتون الفاحشة - والهمزة مثلها في أتأتون للإنكار والتعظيم، وقرئ إنكم على الإخبار المستأنف لتأتون الرجال من أتى المرأة إذا غشيها (شهوة) مفعول له: أي للاشتهاء لا حامل لكم عليه إلا مجرد الشهوة من غير داع آخر ولا ذم أعظم منه لأنه وصف لهم بالبهيمة، وأنه لا داعي لهم من جهة العقل البتة كطلب النسل ونحوه أو جال بمعنى مشتهين تابعين للشهوة غير ملتفتين إلى السماجة (بل أنتم قوم مسرفون) أضرب عن الإنكار إلى الإخبار عنهم بالحال التي توجب ارتكاب القبائح وتدعو إلى اتباع الشهوات، وهو أنهم قوم عادتهم الإسراف وتجاوز الحدود في كل شئ، فمن ثم أسرفوا في بعض قضاء الشهوة حتى تجاوزوا المعتاد إلى غير المعتاد ونحوه - بل أنتم قوم عادون - (وما كان جواب قومه إلا أن قالوا) يعني ما أجابوه بما يكون جوابا عما كلمهم به لوط عليه السلام من إنكار الفاحشة وتعظيم أمرها ووسمهم بسمة الإسراف الذي هو أصل الشر كله، ولكنهم جاءوا بشئ آخر لا يتعلق بكلامه ونصيحته من الأمر بإخراجه ومن معه من المؤمنين من قريتهم ضجرا بهم وبما يسمعونهم من وعظمهم ونصحهم، وقولهم (إنهم أناس يتطهرون) سخرية بهم وبتطهرهم من الفواحش وافتخار بما كانوا من القذارة كما يقول الشطار من الفسقة لبعض الصلحاء إذا وعظهم: ابعدوا