____________________
* الرحمن (أيها) أي أهلها فحذف الأهل كما في قوله - واسئل القرية - (أزكى طعاما) أحل وأطيب وأكثر وأرخص (وليتلطف) وليتكلف اللطف والنيقة فيما يباشره من أمر المبايعة حتى لا يغبن، أو في أمر التخفي حتى لا يعرف (ولا يشعرن بكم أحدا) يعنى ولا يفعلن ما يؤدى من غير قصد منه إلى الشعور بنا، فسمى ذلك إشعارا منه بهم لأنه سبب فيه. الضمير في (إنهم) راجع إلى الأهل المقدر في أيها (يرجموكم) يقتلوكم أخبث القتلة وهى الرجم وكانت عادتهم (أو يعيدوكم) أو يدخلوكم (في ملتهم) بالإكراه العنيف ويصيروكم إليها، والعود في معنى الصيرورة أكثر شئ في كلامهم، يقولون ما عدت أفعل كذا يريدون ابتداء الفعل (ولن تفلحوا إذا أبدا) إذ دخلتم في دينهم (وكذلك أعثرنا عليهم) وكما أنمناهم وبعثناهم لما في ذلك من الحكمة أطلعنا عليهم ليعلم الذين أطلعناهم على حالهم (أن وعد الله حق) وهو البعث لأن حالهم في نومتهم وانتباهتهم بعدها كحال من يموت ثم يبعث، و (إذ يتنازعون) متعلق بأعثرنا: أي أعثرناهم عليهم حين يتنازعون بينهم أمر دينهم ويختلفون في حقيقة البعث، فكان بعضهم يقول: تبعث الأرواح دون الأجساد، وبعضهم يقول: تبعث الأجساد مع الأرواح ليرتفع الخلاف وليتبين أن الأجساد تبعث حية حساسة فيها أرواحها كما كانت قبل الموت (فقالوا) حين توفى الله أصحاب الكهف (ابنوا عليهم بنيانا) أي على باب كهفهم لئلا يتطرق إليهم الناس ضنا بتربتهم ومحافظة عليها كما حفظت تربة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحظيرة (قال الذين غلبوا على أمرهم) من المسلمين وملكهم وكانوا أولى بهم وبالبناء عليهم (لنتخذن) على باب الكهف (مسجدا) يصلى فيه المسلمون ويتبركون بمكانهم. وقيل إذ يتنازعون بينهم أمرهم: أي يتذاكر الناس بينهم أمر أصحاب الكهف ويتكلمون في قصتهم وما أظهر الله من الآية فيهم، أو يتنازعون بينهم تدبير أمرهم حين توفوا كيف يخفون مكانهم وكيف يسدون الطريق إليهم فقالوا: ابنوا على باب كهفهم بنيانا. روى أن أهل الإنجيل عظمت فيهم الخطايا وطغت ملوكهم حتى عبدوا الأصنام وأكرهوا على عبادتها، وممن شدد في ذلك دقيانوس، فأراد فتية من أشراف قومه على الشرك وتوعدهم بالقتل فأبوا إلا الثبات على الإيمان والتصلب فيه، ثم هربوا إلى الكهف ومروا بكلب فتبعهم. فطردوه فأنطقه الله فقال: ما تريدون منى أنا أحب أحباء الله فناموا وأنا أحرسكم، وقيل مروا براع معه كلب فتبعهم على دينهم، ودخلوا الكهف فكانوا يعبدون الله فيه، ثم ضرب الله على آذانهم، وقبل أن يبعثهم الله ملك مدينتهم رجل صالح مؤمن، وقد اختلف أهل مملكته في البعث معترفين وجاحدين، فدخل الملك بيته وأغلق بابه ولبس مسحا وجلس على رماد وسأل ربه أن يبين لهم الحق، فألقى الله في نفس رجل من رعيانهم فهدم ما سد به فم الكهف ليتخذه حظيرة لغنمه، ولما دخل