الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٢ - الصفحة ٤٦٦
قبيلا. أو يكون لك بيت من زخرف أو ترقى في السماء ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتابا نقرؤه قل سبحان ربي هل كنت إلا بشرا رسولا. وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى إلا أن قالوا أبعث الله بشرا رسولا. قل لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا.
____________________
يعنون قول الله تعالى - إن نشأ نخسف بهم الأرض أو نسقط عليهم كسفا من السماء - قرئ كسفا بسكون السين جمع كسفة كسدرة وسدر وبفتحه (قبيلا) كفيلا بما تقول شاهدا بصحته، والمعنى: أو تأتي بالله قبيلا وبالملائكة قبلا كقوله * كنت منه ووالدي بريا * فإني وقيار بها لغريب * أو مقابلا كالعشير بمعنى المعاشر ونحوه - لولا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربنا - أو جماعة حالا من الملائكة (من زخرف) من ذهب (في السماء) في معارج السماء فحذف المضاف. يقال رقى في السلم وفي الدرجة (ولن نؤمن لرقيك) ولن نؤمن لأجل رقيك (حتى تنزل علينا كتابا) من السماء فيه تصديقك. عن ابن عباس رضي الله عنهما قال عبد الله بن أبي أمية: لن نؤمن لك حتى تتخذ إلى السماء سلما ثم ترقى فيه وأنا أنظر حتى تأتيها ثم تأتي معك بصك منشور معه أربعة من الملائكة يشهدون لك أنك كما تقول، وما كانوا يقصدون بهذه الاقتراحات إلا العناد واللجاج، ولو جاءتهم كل آية لقالوا هذا سحر كما قال عز وجل - ولو نزلنا عليك كتابا في قرطاس - ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون - وحين أنكروا الآية الباقية التي هي القرآن وسائر الآيات وليست بدون ما اقترحوه بل هي أعظم لم يكن إلى تبصرتهم سبيل (قل سبحان ربي) وقرئ قال سبحان ربي: أي قال الرسول وسبحان ربي تعجب من اقتراحاتهم عليه (هل كنت إلا) رسولا كسائر الرسل (بشرا) مثلهم، وكان الرسل لا يأتون قومهم إلا بما يظهره الله عليهم من الآيات، فليس أمر الآيات إلي إنما هو إلى الله فما بالكم تتخيرونها، على أن الأولى نصب مفعول ثان لمنع، والثانية رفع فاعل له، و (الهدى) الوحي: أي وما منعهم الإيمان بالقرآن وبنبوة محمد صلى الله عليه وسلم إلا شبهة تلجلجت في صدورهم وهي إنكارهم أن يرسل الله البشر، والهمزة في (أبعث الله) للإنكار وما أنكروه، فخلافه هو المنكر عند الله لأن قضية حكمته أن لا يرسل ملك الوحي إلا إلى أمثاله أو إلى الأنبياء، ثم قرر ذلك بأنه (لو كان في الأرض ملائكة يمشون) على أقدامهم كما يمشي الإنس ولا يطيرون بأجنحتهم إلى السماء فيسمعوا من أهلها ويعلموا ما يجب علمه (مطمئنين) ساكنين في الأرض قارين (لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا) يعلمهم الخير ويهديهم المراشد،
(٤٦٦)
مفاتيح البحث: المنع (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 461 462 463 464 465 466 467 468 469 470 471 ... » »»