الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٢ - الصفحة ٤٨٠
واذكر ربك إذا نسيت وقل عسى أن يهدين ربى لأقرب من هذا رشدا.
____________________
أن يكون إن شاء الله في معنى كلمة تأييد كأنه قيل: ولا تقولنه أبدا، ونحوه قوله - وما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله - لأن عودهم في ملتهم مما لن يشاءه الله، وهذا نهى تأديب من الله لنبيه حين قالت اليهود لقريش:
سلوه عن الروح وعن أصحاب الكهف وذي القرنين، فسألوه فقال: ائتوني غدا أخبركم ولا يستثن، فأبطأ عليه الوحي حتى شق عليه وكذبته قريش (واذكر ربك) أي مشيئة ربك وقل إن شاء الله إذا فرط منك نسيان لذلك:
والمعنى: إذا نسيت كلمة الاستثناء ثم تنبهت عليها فتداركها بالذكر. وعن ابن عباس رضي الله عنه: ولو بعد سنة مالم تحنث. وعن سعيد بن جبير: ولو بعد يوم أو أسبوع أو شهر أو سنة. وعن طاوس: هو على ثنياه ما دام في مجلسه. وعن الحسن نحوه. وعن عطاء: يستثنى على مقدار حلب ناقة غزيرة. وعند عامة الفقهاء أنه لا أثر له في الأحكام مالم يكن موصولا. ويحكى أنه بلغ المنصور أن أبا حنيفة خالف ابن عباس رضي الله عنه في الاستثناء المنفصل، فاستحضره لينكر عليه، فقال أبو حنيفة: هذا يرجع عليك، إنك تأخذ البيعة بالأيمان، أفترضى أن يخرجوا من عندك فيستثنوا فيخرجوا عليك؟ فاستحسن كلامه ورضى عنه. ويجوز أن يكون المعنى:
واذكر ربك بالتسبيح والاستغفار إذا نسيت كلمة الاستثناء تشديدا في البعث على الاهتمام بها. وقيل واذكر ربك إذا تركت بعض ما أمرك به. وقيل أذكره إذا اعتراك النسيان ليذكرك المنسى وقد حمل على أداء الصلاة المنسية عند ذكرها، و (هذا) إشارة إلى نبأ أصحاب الكهف ومعناه: لعل الله يؤتيني من البينات والحجج على أنى نبي صادق ما هو أعظم في الدلالة وأقرب رشدا من نبأ أصحاب الكهف، وقد فعل ذلك حيث آتاه من قصص الأنبياء والإخبار بالغيوب ما هو أعظم من ذلك وأدل، والظاهر أن يكون المعنى: إذا نسيت شيئا فاذكر ربك، وذكر ربك عند نسيانه أن تقول: عسى ربى أن يهديني لشئ آخر بدل هذا المنسى أقرب منه (رشدا) وأدنى خيرا ومنفعة ولعل
(٤٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 475 476 477 478 479 480 481 482 483 484 485 ... » »»