الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٢ - الصفحة ٤١٤
فتمتعوا فسوف تعلمون. ويجعلون لما لا يعلمون نصيبا مما رزقناهم تالله لتسألن عما كنتم تفترون. ويجعلون لله البنات سبحانه ولهم ما يشتهون. وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسود وهو كظيم. يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون. للذين لا يؤمنون بالآخرة مثل السوء ولله المثل الأعلى
____________________
غرضهم في الشرك كفران النعمة (فتمتعوا فسوف تعلمون) تخلية ووعيد. وقرئ فيمتعوا بالياء مبنيا للمفعول عطفا على ليكفروا، ويجوز أن يكون ليكفروا فيمتعوا من الأمر الوارد في معنى الخذلان والتخلية، واللام لام الأمر (لما لا يعلمون) أي لآلهتم، ومعنى لا يعلمونها: أنهم يسمونها آلهة ويعتقدون فيها أنها تضر وتنفع وتشفع عند الله وليس كذلك، وحقيقتها أنها جماد لا يضر ولا ينفع، فهم إذا جاهلون بها. وقيل الضمير في لا يعلمون للآلهة:
أي لأشياء غير موصوفة بالعلم ولا تشعر أجعلوا لها نصيبا في أنعامهم وزروعهم أم لا، وكانوا يجعلون لهم ذلك تقربا إليهم (لتسئلن) وعيد (عما كنتم تفترون) من الإفك في زعمكم أنها آلهة وأنها أهل للتقرب إليها. كانت خزاعة وكنانة تقول الملائكة بنات الله (سبحانه) تنزيه لذاته من نسبة الولد إليه أو تعجب من قولهم (ولهم ما يشتهون) يعني البنين، ويجوز في ما يشتهون الرفع على الابتداء والنصب على أن يكون معطوفا على البنات: أي وجعلوا لأنفسهم ما يشتهون من الذكور، و (ظل) بمعنى صار كما يستعمل بات وأصبح وأمسى بمعنى الصيرورة، ويجوز أن يجئ ظل لأن أكثر الوضع يتفق بالليل فيظل نهاره مغتما مربد الوجه من الكآبة والحياء من الناس (وهو كظيم) مملوء حنقا على المرأة (يتوارى من القوم) يستخفي منهم (من) أجل (سوء) المبشر به ومن أجل تعييرهم ويحدث نفسه وينظر أيمسك ما بشر به (على هون) على هوان وذل (أم يدسه في التراب) أم يئده. وقرئ أيمسكها على هون أم يدسها على التأنيث. وقرئ على هوان (ألا ساء ما يحكمون) حيث يجعلون الولد الذي هذا محله عندهم لله، ويجعلون لأنفسهم من هو على عكس هذا الوصف (مثل السوء) صفة السوء وهي الحاجة إلى الأولاد الذكور وكراهة الإناث ووأدهن خشية الإملاق، وإقرارهم على أنفسهم بالشح البالغ (ولله المثل الأعلى) وهو
(٤١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 409 410 411 412 413 414 415 416 417 418 419 ... » »»