____________________
يقيمون، أو النصب على المدح، وفيه تمييز للخلص من الذين آمنوا نفاقا أو واطأت قلوبهم ألسنتهم إلا أنهم مفرطون في العمل (وهم راكعون) الواو فيه للحال: أي يعملون ذلك في حال الركوع وهو الخشوع والاخبات والتواضع لله إذا صلوا وإذا زكوا، وقيل هو حال من يؤتون الزكاة بمعنى يؤتونها في حال ركوعهم في الصلاة، وأنها نزلت في علي كرم الله وجهه حين سأله سائل وهو راكع في صلاته فطرح له خاتمه كأنه كان مرجا في خنصره، فلم يتكلف لخلعه كثير عمل تفسد بمثله صلاته. فإن قلت: كيف صح أن يكون لعلي رضي الله عنه واللفظ لفظ جماعة؟ قلت: جئ به على لفظ الجمع وإن كان السبب فيه رجلا واحدا ليرغب الناس في مثل فعله فينالوا مثل ثوابه، ولينبه على أن سجية المؤمنين يجب أن تكون على هذه الغاية من الحرص على البر والاحسان وتفقد الفقراء، حتى إن لزهم أمر لا يقبل التأخير وهم في الصلاة لم يؤخروه إلى الفرغ منها (فإن حزب الله) من إقامة الظاهر مقام المضمر. ومعناه: فإنهم هم الغالبون ولكنهم بذلك جعلوا أعلاما لكونهم حزب الله، وأصل الحزب القوم يجتمعون لأمر حزبهم، ويحتمل أن يريد بحزب الله الرسول والمؤمنين، ويكون المعنى: ومن يتولهم فقد تولى حزب الله واعتضد بمن لا يغالب. روي أن رفاعة بن زيد وسويد بن الحارث كانا قد أظهرا الاسلام ثم نافقا، وكان رجال من المسلمين يوادونهما فنزلت: يعني أن اتخاذهم دينكم هزوا ولعبا لا يصح أن يقابل باتخاذكم إياهم أولياء بل يقابل ذلك بالبغضاء والشنآن والمنابذة. وفصل المستهزئين بأهل الكتاب والكفار وإن كان أهل الكتاب من الكفار إطلاقا للكفار على المشركين خاصة، والدليل عليه قراءة عبد الله: ومن الذين أشركوا. وقرئ والكفار بالنصب والجر، وتعضد قراءة الجر قراءة أبي (ومن الكفار) (واتقوا الله) في موالاة الكفار وغيرها (إن كنتم مؤمنين) حقا لان الايمان حقا يأبى موالاة أعداء الدين (اتخذوها) الضمير للصلاة أو للمناداة. قيل كان رجل من النصارى بالمدينة إذا سمع المؤذن يقول أشهد أن محمدا رسول الله قال: حرق الكاذب، فدخلت خادمه بنار ذات ليلة وهو نائم فتطايرت منها شررة في البيت فاحترق البيت واحترق هو وأهله. وقيل فيه دليل على ثبوت الاذان بنص الكتاب لا بالمنام وحده (لا يعقلون) لان لعبهم وهزءهم من أفعال السفهاء والجهلة فكأنه لا عقل لهم. قرأ الحسن هل تنقمون بفتح القاف والفصيح كسرها، والمعنى: هل تعيبون منا وتنكرون إلا الايمان بالكتب المنزلة كلها (وأن أكثركم فاسقون). فإن قلت: علام عطف قوله وأن أكثركم فاسقون؟ قلت: فيه وجوه منها أن يعطف على أن آمنا بمعنى وما تنقمون منا إلا الجمع بين إيماننا وبين تمردكم وخروجكم عن الايمان، كأنه قيل: وما تنكرون منا إلا مخالفتكم حيث دخلنا في دين الاسلام وأنتم خارجون منه، ويجوز أن يكون على تقدير حذف المضاف: أي واعتقاد أنكم فاسقون، ومنها أن يعطف على المجرور: أي وما تنقمون منا إلا الايمان بالله وبما أنزل وبأن أكثركم فاسقون، ويجوز أن تكون الواو بمعنى مع: أي وما تنقمون منا إلا الايمان