الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ١ - الصفحة ٦٢٩
وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا، وألقينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة، كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله، ويسعون في الأرض فسادا والله لا يحب المفسدين. ولو أن أهل الكتاب آمنوا واتقوا لكفرنا عنهم سيئاتهم ولأدخلناهم جنات النعيم. ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل
____________________
الآخرون فأشركوا فيه (وليزيدن) أي يزدادون عند نزول القرآن لحسدهم تماديا في الجحود وكفرا بآيات الله (وألقينا بينهم العداوة) فكلمهم أبدا مختلف وقلوبهم شتى لا يقع اتفاق بينهم ولا تعاضد (كلما أوقدوا نارا) كلما أرادوا محاربة أحد غلبوا وقهروا ولم يقم لهم نصر من الله على أحد قط وقد أتاهم الاسلام وهم في ملك المجوس وقيل خالفوا حكم التوراة فبعث الله عليهم بختنصر ثم أفسدوا فسلط الله عليهم فطرس الرومي. ثم أفسدوا فسلط الله عليهم المجوس ثم أفسدوا فسلط الله عليهم المسلمين. وقيل كلما حاربوا رسول الله صلى الله عليه وسلم نصر عليهم. وعن قتادة رضي الله عنه: لا تلقى اليهود ببلدة إلا وجدتهم من أذل الناس (ويسعون) ويجتهدون في الكيد للاسلام ومحو ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم من كتبهم (ولو أن أهل الكتاب) معما عددنا من سيئاتهم (آمنوا) برسول الله صلى الله عليه وسلم وبما جاء به وقرنوا إيمانهم بالتقوى التي هي الشريطة في الفوز بالايمان (لكفرنا عنهم) تلك السيئات ولم نؤاخذهم بها (لأدخلناهم) مع المسلمين الجنة، وفيه إعلام بعظم معاصي اليهود والنصارى وكثرة سيئاتهم ودلالة على سعة رحمة الله تعالى وفتحه باب التوبة على كل عاص وإن عظمت معاصيه وبلغت مبالغ سيئات اليهود والنصارى، وأن الايمان لا ينجي ولا يسعد إلا مشفوعا بالتقوى كما قال الحسن: هذا العمود فأين الاطناب (ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل) أقاموا أحكامهما وحدودهما وما فيهما من نعت رسول الله صلى الله عليه وسلم (وما أنزل
(٦٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 624 625 626 627 628 629 630 631 632 633 634 ... » »»