الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ١ - الصفحة ٦٠٣
وإذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين. يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين.
____________________
صلوات الله عليهم أربعة أنبياء ثلاث من بني إسرائيل وواحد من العرب خالد بن سنان العبسي. والمعنى:
الامتنان عليهم، وأن الرسول بعث إليهم حين انطمست آثار الوحي أحوج ما يكون إليه ليهشوا إليه ويعدوه أعظم نعمة من الله وفتح باب إلى الرحمة وتلزمهم الحجة، فلا يعتلوا غدا بأنه لم يرسل إليهم من ينبههم عن غفلتهم (جعل فيكم أنبياء) لأنه لم يبعث في أمة ما بعث في بني إسرائيل من الأنبياء (وجعلكم ملوكا) لأنه ملكهم بعد فرعون ملكه وبعد الجبابرة ملكهم، ولان الملوك تكاثروا فيهم تكاثر الأنبياء. وقيل كانوا مملوكين في أيدي القبط فأنقذهم الله فسمى إنقاذهم ملكا، وقيل الملك من له مسكن واسع فيه ماء جار، وقيل من له بيت وخدم، وقيل من له مال لا يحتاج معه إلى تكلف الأعمال وتحمل المشاق (ما لم يؤت أحدا من العالمين) من فلق البحر وإغراق العدو وتظليل الغمام وإنزال المن والسلوى وغير ذلك من الأمور العظام، وقيل أراد عالمي زمانهم (الأرض المقدسة) يعني أرض بيت المقدس، وقيل الطور وما حوله، وقيل الشام، وقيل فلسطين ودمشق وبعض الأردن، وقيل سماها الله لإبراهيم ميراثا لولده حين رفع على الجبل فقيل له أنظر فلك ما أدرك بصرك، وكان بيت المقدس قرار الأنبياء ومسكن المؤمنين (كتب الله لكم) قسمها لكم وسماها، أو خط في اللوح المحفوظ أنها لكم (ولا ترتدوا على أدباركم) ولا تنكصوا على أعقابكم مدبرين من خوف الجبابرة جبنا وهلعا، وقيل لما حدثهم النقباء بحال الجبابرة رفعوا أصواتهم بالبكاء وقالوا ليتنا متنا بمصر وقالوا تعالوا نجعل علينا رأسا ينصرف بنا إلى مصر، ويجوز
(٦٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 598 599 600 601 602 603 604 605 606 607 608 ... » »»